Skip to main content

إجابات على أسئلة موقع الحوار المتمدن قدمها عادل عبد العاطي *

السؤال الاول:


هل ان الضغوط الخارجية قادرة على اقامة انظمة ديمقراطية في العالم العربي، وهل يمكن ان يعد المشروع الامريكي في العراق من دعائم اقامة الانظمة الديمقراطية خصوصا وان احدى نتائجه كانت كتابة دستور يؤسس لاقامة دولة دينية وحكم رجال الدين؟

في السودان أسفرت الضغوط الأمريكية؛ ضمن عوامل اٌخرى متعددة؛ عن توقيع اتفاق نيفاشا بين النظام السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان؛ وهو اتفاق وإن اوقف الاقتتال في جنوب السودان وفي بعض المناطق الأخرى؛ الا انه يظل اتفاقا ثنائيا قاصرا بين طرفين يحتكمان فقط الى قوة السلاح؛ ولا يستجيب لمصالح المواطنين الملحة؛ وخصوصا تعويض المواطنين المتأثرين بالحرب وإعادة تأهيل ما خربته الحرب من بني ومؤسسات ومقدرات بشرية ونسيج اجتماعي الخ؛ بل يكتفي فقط بتوزيع السلطة والامتيازات بين من لا يملك ومن لا يستحق.
النظام الذي نتج عن هذه الاتفاقية؛ والذي نسميه نظام “الانقاذ” الثاني؛ او “الإنقاذ” 2 ؛ هو نظام غير ديمقراطي بأى حال من الأحوال؛ حيث يفرض قوانين النظام القمعية على معظم السودان؛ ويعطي لرجال النظام اليد الطولى في كافة الاجهزة التشريعية والتنفيذية؛ ويحافظ على المواقع الاقتصادية لطفيليي وفاسدي النظام؛ ويعطي النظام شرعية طالما افتقدها لمدة 16 عاما.
بهذا المعني يشكل لنا الضغط الامريكي في السودان؛ تجليا لسياسة قاصرة ومتناقضة ولا تقارب مصالح المواطنين السودانيين؛ ومستعدة هي للتضحية بالقيم الاساسية للديمقراطية الليبرالية والحريات العامة واقتصاد السوق الحر؛ لصالح نظام تسلطي يتستر بإسم السلام؛ ويتعاون معها في مجال مكافحة “الارهاب” ؛ ويحقق لها تأثيرا سياسيا او اقتصاديا او استراتيجيا في السودان والمنطقة يقل او يكثر.

السؤال الثاني:
كيف تنظر قوى اليسار والتحرر الى ادعاءات الديمقراطية والاصلاح السياسي وكيف يمكنها ان تديم برامجها السياسية والاجتماعية خصوصا تلك المتعلقة باقامة دولة العدالة الاجتماعية والمساواة والرفاه في ظل الواقع الذي يحدثه صراع الانظمة الحاكمة مع دعوات الاصلاح والتغيير الخارجية؟

في نظرنا فان دعوات الديمقراطية والاصلاح السياسي في الوطن العربي وافريقيا تشكل دعوات حقيقية للتغيير لا مناص من مواجهتها؛ وليست هي ادعاءات بأى شكل من الاشكال. البرامج التي تدعو للعدالة الاجتماعية والرفاه والمساواة بين المواطنين لا يمكن ان تتم الا تحت ظل انظمة ديمقراطية تتيج الحريات السياسية والاجتماعية والدينية وفي اطار اصلاح شامل للانظمة السياسية القائمة. صراع الانظمة مع دعوات التغيير الخارجية لا يجب ان يعطل اصحاب دعوات التغيير في هذه البلدان من اطلاق دعواتهم المنطلقة من الواقع؛ والتي تشكل شرطا لا مناص منه لتقدم المنطقة. في هذا الإطار يجب ان تشكل القوى الديمقراطية والليبرالية والتقدمية اى التحررية عموما؛ قطبا بديلا؛ عن الانظمة من جهة؛ وعن دعوات التغيير الخارجية الفجة من جهة اُخرى؛ وعن دعوات الثورة المضادة السلفية التي تحاول باسم التغيير الرجوع بنا الى العصور الحجرية من الجهة الثالثة.

السؤال الثالث:
هل ان وجود نظام ديمقراطي يمكنه ان يحدث تغيرات عميقة في بنية التخلف الاجتماعي والثقافي والسياسي التي تعاني منها الدول العربية وهل يفسح المجال امام الارتقاء بحقوق الانسان وان يشيع مظاهرالرفاهية والتمدن ويحقق العدالة الاجتماعية؟

وجود نظام ديمقراطي شكلي؛ لا يضمن إجراء تغيرات عميقة في البنية الاجتماعية لبلدان المنطقة؛ والتي ترزح تحت كلكل التخلف والتسلط وعلاقات الاستغلال. ان النظام الديمقراطي ينبغي ان يكون نتيجة لاحقة للتغيير؛ لا سابقا له؛ وهو بهذا يجب ان ينطلق من ويتدعم ب “ثورة ليبرالية” عميقة تنطلق من المجتمع المدني وتعمل عليه؛ وذلك لكيما يكون التغيير قاعديا وشعبيا وعميقا.
اننا اذن نقترح فوق النضال من اجل البني الديمقراطية السياسية على مستوى جهاز الدولة؛ نشاطا جماهيريا وقاعديا يعطي نفحات تتجدد باستمرار من روح الحرية ومن عوامل الشعبية لدعوات التغيير؛ وذلك حتى لا تكون الاطر الديمقراطية اُطرا صفوية بعيدة عن حس المواطنين ومصالحهم؛ ولايماننا بأن العلاقة بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني علاقة جدلية؛ لا يمكن تطوير الحياة العامة وانجاز التغييرات البنيوية دون الاستعانة بهما معا.

السؤال الرابع:
كيف يمكن التعامل مع التيارات الاسلامية التي يمكنها ان تصل الى الحكم من خلال صناديق الاقتراع؟

التيارات الاسلامية في العالم العربي وافريقيا وعموم الدول الإسلامية؛ بل وحتى في الغرب؛ لا تشكل كتلة موحدة؛ وانما تتراوح ما بين التيارات الاسلامية الاصلاحية التي تقترب من الاطروحات الديمقراطية؛ والتيارات السلفية الانكفائية الذاهلة عن العصر؛ والتيارات اليمينية الفاشية التي تود فرض ديكتاتوريات غاشمة باسم الدين؛ والحركات الارهابية الهوجاء التي تعبد القوة ولا تحمل برنامجا غير العنف والدم والقتل.
موقفنا من كل من هذه التيارات مختلف؛ فبقدر ما يمكننا الحوار والتعامل مع التيارات الاصلاحية؛ فاننا نحارب فكريا التيارات السلفية الانكفائية؛ ونحارب فكريا وسياسيا واجتماعيا التيارات اليمينية والفاشية وسط الحركات الاسلاموية. اننا في هذا النهج نقترب من التعامل الايجابي مع التيارات الاسلامية الاصلاحية؛ بقدر ما تقترب هي من قيم التحرر واحترام حقوق الانسان والالتزام بالاليات السلمية والديمقراطية لعملية تداول السلطة؛ ونبتعد عنها بقدر ما تبتعد عن هذه القيم؛ في النهج الفكري والبرامج والممارسة.
بهذا المعني فاننا نؤيد اشتراك التيارات الاسلامية الاصلاحية في العملية الانتخابية-حيث ان التيارات الانكفائية والارهابية والفاشية ترفضها مبدئيا-؛ ويكون موقفنا منها في حالة فوزها؛ مثل موقفنا من اى حزب او تيار علماني آخر فاز بالانتخابات: نتعامل معها مؤسسيا معارضة او تاييدا طالما التزمت بالمؤسسات الديمقراطية والبرلمانية وقواعد التداول السلمي للسلطة؛ ونعمل على اسقاطها وهزيمتها اذا ما خرجت عن هذه الاطر؛ وحاولت بناء دكتاتورية مدنية او عسكرية.

السؤال الخامس:
كلما تم الحديث عن احداث الاصلاح السياسي في العالم العربي، فأن الانظمة الحاكمة تسارع لطرح خصوصية كل مجتمع. أوانها تطرح الاصلاح السياسي التدريجي . هل ان الحديث عن الخصوصية والاصلاح السياسي التدريجي يمتلك ارضية واقعية؟

لا نؤمن نحن بأى حديث عن خصوصية مزعومة؛ تنزع عن المواطن حقوقه الاساسية وحرياته العامة والفردية. فقيم الحرية والعدالة وكرامة الانسان عالمية؛ والمؤسسات الديمقراطية وسيادة الشعب وحرية المواطن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والشخصية؛ مبادئ كونية يكتسبها الانسان بالميلاد والمجتمعات بالتكون؛ وليس هذا الزعم بالخصوصية الا ادلوجة جديدة لتبرير القهر.
أما الاصلاح السياسي التدريجي؛ فاننا نعتقد انه غير واقعي؛ وفي حالة قيامه فهو غير كاف؛ وذلك لتكلس الاطر السياسية السائدة؛ وقوة تقاليد التسلط والفساد وعلاقات الاستغلال؛ والتي لا يمكن تغييرها الا بتغييرات جذرية ثورية؛ تتم بشكل جماهيري وشفاف ومتتابع؛ ولا يمكن ان تتم بشكل فوقي ومن خلال هبات تقدم من الانظمة والنخب المسيطرة؛ ووفق شروطها ومعاييرها الخاصة والضيقة والانانية.

*عضو الحزب الليبرالي السوداني

We #HelpSudan.
Learn how you can help too!

#Help­Sudan

We don't know how long the conflict will last. But what we do know is that we can't stand aside and watch.

The fastest way you can help too is to support Sudan financially. The Save Sudan Initiative has opened a multi-currency account for that purpose. Learn more

If you want to volunteer and provide help, then here are specific instructions how to do this: Learn more

Spread the word!