التصنيف: ليبـــراليـة ســودانـــية

مقالات حول الليبرالية السودانية ونهجها الإجتماعي

  • رخص المشاع الإبداعي

    اهتم منذ عدة سنوات بديمقراطية التعليم والابداع وعلاقتها بحقوق الملكية. وكنت اشرت في نقاش سابق الى  خروج الناس من مفهوم حقوق الملكية الفكرية الضيق – الراسمالي البحت – ؛ إلى اشياء جديدة مثل رخص الابداع المشترك او الإبداع المشاع (كريتيف كومون)  .. وما الصراع ضد معاهدة اكتا (ACTA) واسقاطها في البرلمان الاوروبي الا جزءا من هذا النزوع العالمي نحو حرية اكبر في التعامل مع ثمرات الثقافة بل حتى وتغييرها والاستفادة منها جزئيا لانتاج اشياء جديدة فيما يجعل للابداع طابعا مشاعا او مشتركا. وقد نشات غير مؤسسة الابداع المشترك أو المشاع  مؤسسات مشابهة اخرى تنتهج نهج المفتوح  مثل  مؤسسة البرمجيات الحرة  ومختلف المواقع ذات المحتوى المفتوح والاكواد المفتوحة والخدمات المفتوحة ( المجانية والتي يمكن تطويرها وتعديلها من بعد)  والعلوم المفتوحة الثقافة المفتوحة.

    في هذا المقال المقتبس والمطور نعالج قضية رخص الابداع المشاع.

    رخص المشاع الإبداعي:

    تعتبر رخص المشاع الإبداعي أو creative commons licenses، من اهم مكونات  الموارد التعليمية المفتوحة. واعتبارا لحداثة و أهمية هذا المصطلح في اللغة العربية ، وكون دول قليلة من الدول الناطقة بالعربية ملتزمة رسميا بتراخيصه ( الأردن – مصر – قطر – لبنان – سوريا و قريبا الإمارات)، ولعدم المعرفة بهذه الرخص عموما في السودان  ؛ اعيد نشر هذا المقال المنقول من موقع تعليم جديد للتعريف بهذا المجال الجديد.

    1- ماهي رخص المشاع الإبداعي؟

    1- تعريف

    رخص المشاع الإبداعي عبارة عن رخص ملكية فكرية مكونة من عدة درجات، تمكن المؤلفين من توضيح الحقوق التي احتفظوا بها لأنفسهم على المصنف موضوع الترخيص، والحقوق التي يتنازلون عنها لصالح المتلقين أو المؤلفين الآخرين، باستعمال عبارات بسيطة ورموز أيقونية، توضح ما لكل طرف من طرفي الترخيص، وتميز هذه البساطة في الصياغة رخصة المشاع الإبداعي عن غيرها، كما تسهل بنية الرخصة المفصلية على المؤلف تحديد الحقوق التي يحتفظ بها و تلك التي يتنازل عنها.

    ب-النشأة و التطور

    صدرت الرخصة الأولى يوم 16 ديسمبر 2002 عن منظمة المشاع الإبداعي، و هي منظمة غير ربحية أسسها لورنس لسك و هال أبلسن و إرك إلدرد سنة 2001، بدعم من “مركز الملك العام” الأمريكي، و يوجد مقرها بمدينة سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية، و تهدف إلى توسيع مجال الأعمال الإبداعية المتاحة للناس لاستغلالها والبناء عليها على نحو يتوافق مع متطلبات قوانين الملكية الفكرية.
    صدرت المجموعة الأولى من الرخص في ديسمبر 2002، و في سنة 2008، وصل عدد المصنفات المنشورة بإحدى تنويعات رخصة المشاع الإبداعي إلى ما يناهز 130 مليونا. و بحلول سبتمبر 2010 تم توطين الرخصة في 53 قضاء حول العالم. و قد كانت الأردن أوّل دولة عربية يعترف قضاؤها بهذا النوع من الرخص.
    هذا ويعتبر الإصدار الرابع أحدث إصدار لرخص المشاع الإبداعي، مما جعلها أكثر عالمية و أكثر ملاءمة للأنظمة القانونية للهيئات والمؤسسات الحكومية (خصوصاً في الاتحاد الأوروبي). كذلك أصبحت الرخصة تغطي مواضيع خارج الإطار المتعارف عليه لحقوق التأليف والنشر، على سبيل المثال مسألة جمع البيانات وحقوق ملكيتها (والتي تخرج عن طبيعة حقوق الملكية التقليدية في العديد من الأنظمة القانونية).

    2- لماذا رخص المشاع الإبداعي؟

    تمكن شبكة الإنترنت مستخدميها من الولوج إلى الأبحاث والمواد التعليمية والثقافية بكل سهولة و مرونة فيما يخص التعامل مع هذه المحتويات، إلا أن هذه الإمكانيات التي توفرها شبكة الإنترنت، غالبا ما تصطدم مع مفهوم الملكية الفكرية الذي ظهر قبل ظهور الويب بوقت طويل، و الذي يحمل بين طياته ترسانة معقدة من القوانين و المساطر، مما يجعل القيام بمجموعة من العمليات التي قد تراها عادية على الإنترنت مثل النقل والنسخ والتعديل والنشر، أشياء صعبة و قد تؤدي إلى المتابعة القانونية.
    إن التطبيق الافتراضي لقانون الملكية الفكرية يقتضي إلزامية الحصول على الموافقة الواضحة والمسبقة قبل قيامك بالتصرف في المصنفات المحمية، مهما كان عملك أو مركزك الاجتماعي، ولتجاوز هذا العائق القانوني و الأخلاقي، و ضمان ولوج الجميع إلى المحتوى، كان لابد من توفير بنية تحتية مجانية وعامة وقائمة على مجموعة واضحة من المعايير والتي تحقق الموازنة بين واقع الإنترنت و واقع قانون الملكية الفكرية، و هذا ما قامت به منظمة المشاع الإبداعي، سعيا منها إلى مواجهة ما تراه بيئة ثقافية وقانونية تُضيّق على التشارك والإبداع، الأصل فيها هو الحماية المفرطة والسماح هو الاستثناء الذي يتوجب الإعلان عنه، وأحيانا لأعمال لم يعد مؤلفوها الأصليون موجودين، أو يتعذر التواصل الفعّال مع حملة حقوق الملكية الفكرية أو تزداد كلفته بشكل معيق.

    3- ما هو نطاق اختصاص المشاع الإبداعي؟

    تشمل رخص المشاع الإبداعي كل ما يندرج تحت المصنفات الفكرية، بما فيها: الكتب، المسرحيات، الأفلام ، الموسيقى ، المقالات،  الرسوم ،ـ الصور الفوتوغرافية، المخططات، الخرائط، التصميمات، المدونات، مواقع الويب، و قواعد البيانات، باستثناء البرمجيات الحاسوبية، إذ توجد رخص حرة تتخصص في معالجة المسائل التقنية المرتبطة بترخيص و استعمال هذه البرمجيات.

    4- ماهي شروط الاستفادة من ترخيص المشاع الإبداعي؟

    أ- بالنسبة للمؤلف

    المؤلف هو وحده صاحب الحق في اختيار ترخيص عمله ويجب أن يكون صادرا منه. و هكذا فدور النشر والصحف والمجلات لا تملك إصدار هذه التراخيص إلا بموافقة مبدئية أو ضمنية من المؤلف نفسه .

    ب- بالنسبة للمنتج

    ليحظى المنتج بحماية تراخيص المشاع الإبداعي، لابد مراعاة الشروط التالية:

    1- يجب أن يكون المنتج عبارة عن عمل ابداعي مثل : النصوص – الرسوم – التصوير – الموسيقى – الصوتيات – أفلام – تصاميم … الخ وليس عبارة عن فكرة مثلا أو عنصر مكتشف مثلا … البرمجيات بأنواعها لا يستحب استخدام المشاع الابداعي معها لان لديها تراخيص خاصة تسمى ( تراخيص البرامج الحرة )

    2- إذا كان المنتج أصليا ( أي لم تستخدم فيه أي أعمال إبداعية سابقة. أو استخدمت فيه أعمال ذات حقوق منتهية أو ذات ترخيص ملكية عامة )، فإنه يحق لمؤلفه أن يختار التراخيص التي يراها مناسبة لعمله.

    3- إذا كان المنتج مشتقا ( أي عمل إبداعيا استخدمت فيه أعمال سابقة) فإن المؤلف يبقى ملتزما بتراخيص الأعمال المشتق منها . فإذا كان العمل ذا حقوق محفوظة فإنه لا يحق له استخدام تراخيص المشاع الإبداعي. أما إذا كان العمل بترخيص مشاع إبداعي فإن المؤلف يبقى مجبرا على استخدام نفس الترخيص.

    ج- بالنسبة للمرخص له

    المرخص له يقصد به الجمهور بشكل عام الذي سيتعامل مع المنتج. و يشترط أن يتم نشر المنتج بشكل علني و عام وليس بطرق خاصة أو سرية.

    5- ماهي أهم مميزات ترخيص المشاع الإبداعي ؟

    يستفيد مستعملوا رخص المشاع الإبداعي من الامتيازات التالية:

    1- تحسين نتائج موقعك في محركات البحث من خلال العوامل التالية :

    •   تفرض جميع التراخيص ذكر اسم المؤلف و أحيانا رابط موقعه، مما يعني باك لينك مجاني في عدد مهم من المواقع التي يمكن أن تكون من الأحسن ترتيبا في العالم، مما يساعد في تحسين وصولك إلى الجمهور، و نشر منتجك على أوسع نطاق.
    •   إن استعمال رخص المشاع الإبداعي،يعني الإدراج التلقائي لإبداعاتك في المواقع التي تعمل كمحركات بحث او فهارس لمحتوى المشاع الإبداعي، وهي مواقع مفضلة لدى جوجل و ياهو مما يضمن لك سرعة أرشفة عالية .
    •   نتائج البحث عن الصور في جوجل تظهر في المقدمة الصور ذات تراخيص مشاع إبداعي.

    3- في عالم الإنترنت تعتبر رخصة المشاع الإبداعي أكثر واقعية من الحقوق الحصرية المحفوظة، حيث تجعلك تتنازل عن بعض الحقوق في مقابل حفظ اسمك كمؤلف لها، بدلا من ضياعها كلها.

    4- يوفر المشاع الإبداعي مرونة عالية و سهولة كبيرة في التعامل مع مسألة الترخيص، حيث أن تراخيص المشاع الإبداعي ذات صيغ موحدة يستطيع أي شخص أن يفهمها بغض النظر عن لغته و ثقافته.

    5- استعمال رخص المشاع الإبداعي، يساهم في زيادة الإبداع و الابتكار، و ذلك من خلال مشاركة الإبداعات و المحتويات العلمية مع الآخرين، مع إتاحة الفرصة لهم لتطويرها أو توظيفها كنواة أو مكون لعمل إبداعي جديد.

    6-أصبحت تراخيص المشاع الإبداعي ذات طابع رسمي في العديد من الدول العربية و الأجنبية، مما سيدفع حتما الكثير من الهيئات والمنظمات والمؤسسات إلى تبنيها و تشجيع استعمالها و حمايتها بالتشريعات الدولية.

    6- ما هي عيوب ترخيص المشاع الإبداعي؟

    رغم المميزات التي ذكرناها أعلاه، فإن رخص المشاع الإبداعي تعاني من عدة عيوب و ثغرات نوجزها في النقط التالية:

    1- ليس لتعديل الترخيص، أي أثر رجعي: أي أن التعديلات التي يقوم بها المؤلف على الترخيص تسري فقط على المستخدمين الجدد.

    2- منظمة المشاع الإبداعي لا تملك حق التقاضي في حالة خرق مقتضيات التراخيص، و الذي يبقى حقا حصريا للمؤلف وفقا لقوانينه الداخلية التي تعنى بتنظيم حقوق الملكية الفكرية.

    3- عجز القوانين و التشريعات عن ردع ظاهرة السرقة الأدبية في ظل غياب شبه تام لثقافة احترام حقوق الملكية الفكرية.

    4- جهل المستخدمين و المؤلفين بأنواع التراخيص و استعمالها في غير محلها.

    7- ما هي العلاقة بين التعليم و المشاع الإبداعي؟

    يشجع المشاع الإبداعي على زيادة تبادل المحتوى الرقمي عبر شبكة الإنترنت، بطريقة قانونية و دون احتكار للمعرفة التي تعتبر حقا للجميع. و بهذه الطريقة يمكن مساعدة الطلاب الغير قادرين على تحمل تكلفة هذه الموارد والرسوم المُكلفة، من خلال توفير وثائق البحوث والكتب المدرسية الرقمية، والمكتبات الرقمية، وما شابه ذلك من الموارد المتعددة. و قد انخرطت بالفعل العديد من المؤسسات الدولية و المواقع الإلكترونية في مشروع الموارد التعليمية المفتوحة، و التي تحمل ترخيص المشاع الإبداعي، سعيا منها إلى توفير الموارد التي قد يحتاج إليها الطلاب في جميع المجالات و التخصصات. وفي مجال التعليم الإلكتروني و المووك، هناك العديد من المنصات التعليمية المنتسبة للمشاع الابداعي مثل جامعة “بير تو بير” (P2P)، و أكاديمية خان، MITOpenCourseWare، و العديد من المنصات الأخرى المنتشرة على صفحات شبكة الإنترنت، و التي يمكن الإطلاع على لائحتها من خلال الرابط.
    يشغل التعليم مكاناً مركزياً في مجال حقوق الإنسان ويُعتبر أمراً أساسياً لضمان ممارسة حقوق الإنسان الأخرى. ويعزز التعليم الحريات والقدرات الفردية، ويعود بفوائد إنمائية مهمة. بيد أن ملايين الأطفال والكبار لا يزالون محرومين من الفرص التعليمية، ومن بين هؤلاء كثيرون لا يتمتعون بهذه الفرص نتيجة للفقر، و في هذا الإطار سيمكن توظيف المشاع الإبداعي من إزالة بعض العقبات والتحديات المادية و القانونية التي تواجه استفادة الجميع على قدم المساواة من المعرفة الإنسانية.

    8-ما هي عناصر و مكونات رخصة المشاع الابداعي ؟

    تتألف تنويعات رخص المشاع الإبداعي من توفيقات من أربعة اشتراطات تحكم الاستغلال المسموح به للمصنف موضوع الترخيص، و يرمز لكل اشتراط برموز معينة، يتم التوليف بينها لبيان حقوق المؤلف و حقوق المرخص له، و تعتبر نسبة العمل إلى مؤلفه (By) قاسما مشتركا أدنى بين كل تنويعات الرخصة الحالية للمشاع الإبداعي، كما أنها كلها تسمح بالحق الأساسي في التشارك و نسخ المُصنَّف المُرَخَّص و تداوله للأغراض غير التجارية بلا قيد

    الرخصة في هذا الموقع :

    في هذا الموقع ارخص بإستخدام كل كتاباتي وإعمالي كما جاء في صفحة ( مرحبا بكم) برخصة نَسْبُ الـمُصنَّف 4.0 دولي.  أي انه يمكن اعادة نشر أي مادة كتبتها والاقتباس منها بل وتعديلها وتطويرها والبناء عليها شرط الاشارة للمصدر  في النصوص المقتبسة او المطورة والمعاد نشرها والا تستخدم المادة تجاريا وأن يسمح المستخدم بنفس الحقوق للأخرين في العمل المعدل.

    لقراءة أكثر راجع : تعرف على رخص المشاع الإبداعي

     

  • الحزب الليبرالي وقضية المثلية الجنسية

    تطرح علينا مرات كثيرة من مواقع سلفية محافظة او من مواقع تدعي التحررية اسئلة حول موقف الحزب الديمقراطي الليبرالي من قضية المثلية الجنسية والمثليين في السودان .

    وفي الحقيقة فرغم إن الحزب لم يدرس هذه القضية ولم يصدر رأيا موحدا حولها الا إن الاستاذة نور تاور رئيسة الحركة الليبرالية السودانية (التي تضم عدة مجموعات وشخصيات ليبرالية من بينها حزبنا) والرئيسة الفخرية للحزب الديمقراطي الليبرالي قد تطرقت لها في مقال بعنوان ” مشكلة المثلية والمثليين من منظور ليبرالى سودانى” نشرته في 1 اكتوبر 2014 تناولت فيه هذه القضية تاريخيا وقانونيا وفي الواقع السوداني بمنهج وصفي ووضعت بعض الأطر العامة لتعامل الحركة الليبرالية السودانية مع هذه القضية.

    وفي مقال نور تاور الآنف الذكر والذي أعتقد أنه اول مقال لقيادي سياسي سوداني يتناول فيه هذه القضية الحرجة، نجد انها تطلق وصفا محايدا تجاه هذه الفئة وتصفهم بالمثليين ولا تنعتهم بالشواذ مثلا كما يجرى وصفهم بالسودان. كما هي تسرد سردا وصفيا وضعهم في تعاليم الاديان السماوية وفي المجتمعات المختلفة وفي القانون السوداني ؛ ثم تعرج للبحث عن جذور المشكلة فترجعها إما الى شعورهم العاطفي المختلف او الى التعقيدات الجينية التي ولدوا بها أو للظروف الاجتماعية. كما هي عمليا ترفض تغيير واقع المثلي بالقوة (مثلا بالعلاج بعقارات هرمونية كما تطبق بعض الدول).

    واشارت الاستاذة نور تاور الى قضية مهمة وهي ضروة عزل المثلية الجنسيىة عن الانتهاكات الجنسية فلا يمكن ان يرتكب احداً جريمة تحت ذريعة انه مثلي مثل اغتصاب الاطفال او اغوائهم الخ – وفي ذلك قالت ( وفى كل الاحوال أن ما يهمنا فى الحركة الليبرالية السودانية هو احترام آدمية المثليين وعدم التدخل فى شئونهم الخاصة مثلما نحجم عن التدخل فى شئون العامة الخاصة. ويعنينا ألا يكونوا مجرمين وإلا يكونوا مصابين بأمراض معدية فتاكة وأن لا يؤذوا الغير بسلوكهم الشخصى وإلا يرتكبوا جرائم مثل الاغتصاب وممارسة الجنس مع الاطفال أو القصر أو الاقارب من الدرجة الاولى الخ . فإن فعلوا وجب عقابهم على هذه الجرائم.)

    فيما عدا ذلك تقترح استاذة نور تاور تعاملا عقلانيا مع المثليين وعادلا ومنطلقا مع حقوق الانسان يقوم على عدم عقابهم على ميولهم طالما لم ترتبط بجريمة ما وفي ذلك تقول ( هنا نتطرق الى حقوق الانسان المضمنة فى قوانين الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية التى تتناول الميول الجنسية ضمن منظومة حقوق الانسان وتحدد الخيارات الجنسية بأنها حق شخصى.) الا ان استاذة نور تقف ضد اعطاء المثليين حقوقا اضافية كتكوين اسر مثلية او تبني الاطفال حيث تقول (ولكننا بالمقابل سوف لن نكون طرفا فى سن أى قوانين أو تشريعات لتقنين زواج المثليين السودانيين أو تكوينهم الأسر احتراما لكريم المعتقدات وقيم المجتمع السوداني)

    هذا هو موقفنا كما اعلنته الاستاذة نور تاور وكما يمكن ان نعلنه في أي مكان . وأقول بصورة عامة إني اتفق مع اطروحات استاذة نور مع بعض الاختلاف في الصياغات او المنطلقات. وقد جرت نقاشات مختلفة في الحزب حول هذه القضية عبرت عن آراء مختلفة ولكن لم يتم صياغة موقف محدد وملزم للحزب من هذه المشكلة .

    واذا كان يمكن تلخيص موقف الحزب الديمقراطي الليبرالي العام من هذه القضية – كما افهمه وكما ظهر في النقاشات – أنه لن يطارد المثليين ولن يعمل على قمعهم وتجريمهم ولا على اجازة قوانين ضدهم ولن يوافق عليها – إن وجدت – . من ناحية أخرى لن يعمل على اعطاء أي امتيازات للمثليين ولن يسمح بارتكاب جرائم من طرفهم أو جرائم ضدهم ولن يكون راس الرمح في الدفاع عن مطالبهم اذا كان لهم مطالب ؛ بل هم من يجب ان يقوموا بهذا الدور إن ارادوا. فواجب الحزب الآنى واولويته هي الدفاع عن وتمثيل مصالح اغلب السودانيين وهم يواجهون قضايا الحرب والفقر والمرض والجهل – وهذه هي اولوياتنا واولويات الوطن .

    ومن ضمن تمثيل مصالح المواطنين السودانيين نرى في المقدمة حماية الاطفال والقصر وهم أجيال المستقبل من جميع انواع الانتهاكات الجنسية مثل الاغواء والتحرش والاغتصاب الخ ؛ مما يمكن ان يقوم بها الراشدون مثليون كانوا او غير مثليين. هذه قضية اساسية للحزب الليبرالي ولن يتهاون معها ابداً وسيعمل على سن قوانين رادعة تجاه مثل هذا النوع من الجرائم بما فيها الاخصاء الكيميائي للجناة. وهناك اشارات كثيرة وشواهد لقيام بعض المثليين في السودان باغواء او اغتصاب الاطفال والقصر . كما نرى ان الدفاع عن الاسرة السودانية وضمان تطورها السليم واستقراراها واحدة من اولويات حمايتنا لمصالح المواطنين؛ ذلك ان الأسرة هي النواة الاساسية للمجتمع.

    والحقيقة إن لمجتمع السوداني في حالة أزمة والدولة السودانية في حالة انهيار. ونحن في الحزب الليبرالي قد حددنا هدفنا في اعادة بناء الدولة السودانية كي تكون صديقة للمواطن وفي بناء مجتمع حر وحديث. الفرد مهم في منظومتنا ولكن ايضا الأسرة والمجتمع مهمان. ومن دراستنا لواقع الفرد والمجتمع خرجنا باولويات وببرنامج سياسي وبرنامج للعمل هو ما يلزمنا وما يجب ان يحاسبنا الناس عليه.

    تصورنا لليبرالية محدود بواقعنا واولوياتنا وبما هي برنامج سياسي – اجتماعي. لا نحجر على الاخرين ليبراليتهم ولا ليبرتارييتهم ولا نفرض عليهم تصوراتنا. لن نقوم كحزب بعمل مجموعات الضغط كلها ولا منظمات المجتمع المدني ولا المفكرين ولا المصلحين الاجتماعيين فلكل مجاله. من اراد أن يضع يده في يدنا من اجل بناء مجتمع ديمقراطي ليبرالي وفق برنامجنا النهضوي التنموي نصل له بالتفاكر والتوافق ومع الجماهير لا بدونها فألف مرحب به ومن يريد فرض تصوراته وتصورات مجتمعات أخرى علينا فلن نقبل ذلك منه.

    في هذا نسجل موقفنا ضد زواج المثليين او تكوينهم لأسر أو تبنيهم لإطفال في السودان ( كان أول زواج مثلي في السودان في عهد التركية السابقة في الأبيض في عام 1883) لمخالفتها للقانون الطبيعي ولدورها في تهديم الاسرة الطبيعية ولتأثيرها المدمر على الأطفال ولعدم تحقيقها لأي مصلحة اجتماعية أو نتائج قانونية.

    هذا الرأي ناتج مما اوصل اليه علماء الاجتماع إن اي طفل يتربى في اسرة يأخذ وعيه الاجتماعي بالدرجة الاولى من هذه الاسرة – ومن المعروف ان الاسرة الطبيعية تتكون من أب واُم واطفال ويمكن ان يكون لها امتداداتها في اسرة كبيرة (اجداد وخالات واعمام واقارب) -. كل من الاب والام يلعب دورا اجتماعيا يساعد في صياغة الوعي الجنسي والاجتماعي أو قل الجندري للاطفال . إن ما يسمى بالاسرة المثلية نشاز هنا وهي تهدم النمذجة الاجتماعية الطبيعية التي تتم في الاسرة الطبيعية والتي تصوغ نفسيات الاطفال ووعيهم بادوارهم الاجتماعية والجنسية والجندرية . يقول علماء الاجتماع ان الطفل المتربي دون ابيه او امه يعاني من مشاكل في معرفة النماذج الاجتماعية فما بالك بالطفل المتربى في اسرة مثلية كل الاشياء فيها مقلوبة راساً على عقب . لذلك لا يجب أن يقبل الحزب الليبرالي اي شكل من اشكال تقنين الاسرة المثلية او تبني مثل هذه الاسرة – ان وجدت – للأطفال، حرصا على الاطفال في المقام الاول.

    واحب ان اشير الى أمر الاسرة أمر خطير وهي في السودان وهي تعاني من ازمات خطيرة حقيقية يجب علاجها – واحدة من هذه الازمات هي عدم توفر شروط تكوين اسر للشباب في عمر الزواج (18-30) – لذلك فإن الحزب الليبرالي عبر السياسة السكنية والتشغيل التام وضمان الدخل الثابت سيساعد الشباب على تكوين اسرهم الخاصة وسيدعم الاسرة الطبيعية وهذا برنامج للعمل لمدة 10 سنوات على الاقل بعد وصولنا للسلطة .

    من ازمات الاسرة في السودان ايضا واقع الفقر الحاصل على الاسر القائمة وما يسببه من تفكك اجتماعي وقيمي – كذلك تاثير الحروبات وعدم الاستقرار والازمات الامنية على الاسر – ايضا من ازمات الاسرة عدم المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات ووجود امراض اجتماعية وتجاوزات دستورية وقانونية مثل تعدد الزوجات وزواج القصر والزواج القسري والعنف الاسري تجاه المراة والاطفال الخ – كل هذه الأزمات سنقوم بعلاجها وفق قانون علماني للاسرة يحوّل المساواة الدستورية الى مساواة قانونية ويضمن حقوق المراة والرجل والاطفال في الاسرة ويضمن تطور الاسرة الطبيعي والسلمي في اطار مجتمع حديث وديمقراطي.

    وفي مواجهة من يقول ان منهجنا غير ليبرالي في التعامل مع قضية المثليين او غيرها نقول اننا نعرف تماما قيم الليبرالية وتاريخها وملتزمين بها ؛ ونعرف مآلات اللببرالية الحالية والمستقبلية في السودان وافريقيا . فقيم الليبرالية عالمية بينما الاولويات محلية. ونحن عكس ما يقول البعض ندعو لقانون جديد تماما لتنظيم الاسرة اعلنا عن خطوطة العامة قبل عدة سنوات والان نعمل على صياغته التفصيلية.

    أما في قضية المثليين فنحن نهتم بواقع هذه القضية في السودان واسبابها وامكانية علاجها ؛ وليس لنا علاقة مع ما هو منتشر في العالم عنها – قضيتنا هي مع المشاكل الموجودة في السودان واولوياتها وامكانيات واولويات الحزب الليبرالي. في الوقت الحالي برنامجنا يطرح انهاء التمييز والتجريم تجاه هذه الفئة الاجتماعية ونعتبر هذا واجبا ضمن واجبات انهاء التمييز المختلفة في المجتمع – لكننا لا نطرح ولا نؤيد ولن نشارك في تقنين قوانين تمييزية لصالح هذه الفئة هي اصلا لم تطرحها ولم يطرحها التطور الاجتماعي السوداني – ما يتم في امريكا واوروبا لا يهمنا الا بمقدار ما تهمنا الهموم الانسانية الكونية – بالنسبة لاطروحاتنا وبرنامجنا واولوياتنا نصوغها وفق واقعنا ومشكلاتنا الملحة والتطور الاجتماعي الموجود .

    الخلاصة المفيدة : الحزب الليبرالي يقف ضد مختلف انواع التمييز بما فيها التمييز على اسس جنسية ويدعو لمساواة جميع المواطنين امام القانون والغاء تجريم المثليين ومطاردتهم والغاء كل العقوبات المتعلقة بحرية الانسان الشخصية، ولا نتدخل فيما يفعله الفرد في بيته الخاص وسريره ما دام راشدا ولا يرتكب جريمة مثل اغتصاب القصر او اغوائهم الخ. الحزب الليبرالي مع ذلك ليس معنيا باعطاء اي امتيازات للمثليين من نوع تقنين زواجهم او اعطائهم حق التبني ولن يكون طرفاً في هذا لأنهم اولا لم يظهروا ولم يطرحوا مثل هذه المطالب وثانيا لانها تتناقض مع فلسفة الحزب الاجتماعية ودوره في علاج ازمة الاسر والمجتمع السوداني وثالثا لأنها ليست من اولوياته ولا من اولويات الجماهير العريضة صاحبة المصلحة في الخيار الليبرالي.

    عادل عبد العاطي

    عضو الحزب الديمقراطي الليبرالي

    28/1/2016

    المراجع:

    · نور تاور كافي ابو رأس : ” مشكلة المثلية والمثليين من منظور ليبرالى سودانى”.

    · شوقي بدري : “المسكوت عنه – الشذوذ الجنسي في السودان”.

    · شوقي بدري : “الشذوذ الجنسي واغتصاب الأطفال” مقال من جزئين. الجزء الاول الجزء الثاني

  • مرة أخرى حول البرنامج الإقتصادي للحزب الديمقراطي الليبرالي

    أعقاب نشري للمقالة القصيرة (عرض مختصر لبعض الأطروحات الإقتصادية للحزب الديمقراطي الليبرالي) قُدمت الينا عدد من الاسئلة المهمة فيما يتعلق ببرنامج الحزب الليبرالي الاقتصادي . ونسبة لأننا ننهج منهج الحوار والتفاعل مع المهتمين والمختصين وفقا لمبدأ “الديمقراطية التشاركية” فقد رددت عليها بما أدناه.

    الرد هو أننا لا ننوى الوثوب على السلطة ولا الاستفراد بها، وهذا محال في واقع السودان. ولكننا نسعى لنفوز بأكثر من 50% من الاصوات وتحقيق أغلبية لحزبنا تتيح لنا تحقيق برنامجنا وهذا أمر طبيعي . وهذا هو الحد الأعلى لطموحنا. بحد ادنى نسعى للحصول على 20-30% تتيح لنا الدخول كطرف قوي في ائتلاف يتيح لنا تحقيق جزء من البرنامج. الحديث كله يدور عن فوز بالانتخابات والوصول للسلطة ديمقراطيا وليس بالانقلاب او الثورة او الخداع . هذا يفرض على الحزب دورا كبيرا أن يؤهل نفسه ويقنع الشعب السوداني باطروحاته وبرامجه .

    الإجابة أننا ليبراليون و برنامجنا قطعا لن يكون اشتراكيا، ولكن نزعم ايضا انه ليس راسمالياً وانما هو برنامج نهضوي تطبيقي يعتمد على اقتصاد السوق الاجتماعي. أما الجماهير فسنقنعها بمخاطبة احتياجاتها الملحة وتحويل البرنامج الى شعارات مبسطة ووعود حقيقية. الناس تعرف مصلحتها فإذا كانت حساباتنا صحيحة واطروحاتنا علمية ووعودنا ممكنة التحقق فستقف معنا فكل يعرف مصلحته.

    أما أمر تعدد البرامج في الفترة الانتقالية وبعدها فهو أمر بديهي ولكن اغلب البرامج القديمة القائمة على الجباية والاستهلاك قد طبقت وفشلت والان الدور على البرنامج الليبرالي. من جانبنا سنسعى لاقناع القوى السياسية والمدنية بهذا البرنامح وافضليته بالنسبة للاقتصاد السوداني. فاذا اقتنعت به وطبقناه معا كان ذلك جيدا لشعب السودان واذا اختارت برنامجا هجينا دعمنا ما نراه سليما فيه ونقدنا غير السليم اما اذا رات القوى الغالبة السير في الطريق القديم وتطبيق حلول فاشلة فلن يكون موقفنا منهم الا موقف المعارضة الشاملة والواضحة .

    إجابتنا أن موقف الليبرالي هو مراجعة كل الخصخصة السياسية او قل النهب الذي تم في عهد الانقاذ. عموما الاقتصاد السوداني في فترة ما بعد الانقاذ لا يوجد ما يمكن تحريره وانما يحتاج الى اعادة بناء شاملة تلعب فيها السياسات المالية والضريبية للدولة وكذلك بناء البنى التحتية دورا مقدما. بالنسبة للسياسات المقترحة من المؤسسات الدولية فليست كلها خيرا ولا كلها شرا وانما يجب اخضاعها جميعا لمقتضيات إنعاش الاقتصاد وهيكلته الداخلية التي تقوم على استنهاض الانتاج وتحريك السوق المحلي في المقام الاول . عموما اغلب السياسات المقترحة والتي تم تنفيذها – بخرجمجة – خلال ال15 عاما اخيرة لم تحقق النتائج المرجوة.

    الجواب يدعو الليبرالي الى مراجعة الخصخصة السياسية واسترداد او التعويض عن اي مؤسسات اقتصادية تم بيعها بأقل من قيمتها او بمخالفة للقانون. راجع الفقرة عن الخصخصة السياسية في البرنامج العام للحزب. أي إن أي مؤسسة تم تخصيصها في عهد الإنقاذ سيتم مراجعة عملية تخصيصها بدقة فإذا كانت قيمة التخصيص اقل من القيمة الفعلية للمؤسسة أو كان التخصيص تم عن طريق محسوبية وفساد او تم بخرق للقانون يطالب المالك اما بتعويض الدولة السودانية فيما يوازي قيمة هذه المؤسسة او يتم استردادها منه وفي حالة رفض التعويض وكانت قيمتها اقل من قيمتها الفعلية ابان الخصخصة (مع حساب قيمة التضخم والنمو الراسمالي الخ) يتم مطالبته بدفع التعويض من املاكه الاخرى

    الخصخصة في الأساس اداة لتطوير الاقتنصاد ومحاربة الفساد والبيروقراطية وزيادة العمالة ، اذا لم تحقق هذه الشروط لا تكون في مصلحة المجتمع. نحن بصورة عامة مع ترشيد دور الدولة في الاقتصاد وتقليله بحيث يكون دور الدولة صغيرا ولكن فعالا – لا نريد للدولة ان تصبح منتجا او تاجرا فهذا ليس دورها ولكن دورها ان تساعد المنتجين وتتيح الشروط الحرة العادلة للتجارة.

    من هذا المنطلق تركيزنا سيكون على بناء البنية التحتية لا الامساك بشركة الجزيرة للتجارة والخدمات مثلا. في البرنامج العام طرحنا الآليات المناسبة لتدخل الدولة في الاقتصاد، وندعو لأن تمسك الدولة بالمؤسسات الاستراتيجية فقط وخصخصة جميع الشركات التابعة للدولة و العاملة في التجارة لأن هذه ليست مهمة الدولة . مهمتها ( أن تبني التحتية القومية ومن بينها الطرق والكباري والمؤائي والمطارات وخطوط السكك الحديدية ومواعين النقل النهري والخزانات وقنوات الري العملاقة ومحطات توليد الكهرباء من مختلف الانواع) كما جاء في البرنامج العام للحزب.

    اجابتنا فيما يتعلق بسياسات صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات النقدية أنه من المعروف ان التدخل الاجنبي – سياسيا كان او اقتصاديا – مرتبط طرديا مع ضعف الدولة او قوتها ، وقد أشارت الاستاذة نور تاور لهذا في كتابها عن “أزمة الدولة والبرنامج الليبرالي في السودان” – وقوة الدولة اليوم تحسب اقتصاديا. علاجات الصندوق تنطلق من موقف ايدلوجي غالبا وهي عبارة عن وصفات جاهزة ولا تعير اهتماما للاختلافات بين الدول واقتصاداتها المختلفة. ولك ان تلاحظ انها دائما تطبق من قبل الدول العاجزة او الفاشلة وتطبق بطريقة مدغمسة فقط للحصول على قروض اضافية ولذلك لا يمكن ان تؤتي اكلها. نحن لن نرفض الدعم الفني للصندوق والبنك الدولي ولكن قطعا لن تكون هذه المؤسسات هي التي تقرر في قضايا الاقتصاد السوداني. هناك مؤسسات اخرى يمكن التعاون معها مثل البنك الافريقي للتنمية والبنك الاوروبي للتنمية والبنك الاوروبي للبناء والتعمير وبنك التنمية لدول البريكس الخ . الحزب الليبرالي يحمل مشروعا نهضويا استقلاليا يحقق لنا الاستقلالين الاقتصادي والسياسي وتحقيق الأمن الوطني الشامل وفي اوله الأمن الاقتصادي لذلك فإن تعاملنا مع الخارج سيكون محكوما فقط بتحقيق الاهداف الوطنية كما ان التعويل الاول في التنشيط الاقتصادي سيعتمد على المكون المحلي لا الاجنبي في عمليات التمويل .

    أجبنا عليه إن موقف الحزب الاساسي بالنسبة لدعم السلع الغذائية هو مساعدة المنتجين واعادتهم لدورة الانتاج مرة اخرى وتقديم القروض والدعم اللوجستي الذي ينعش انتاج الغذاء محليا وليس استيراده . في اللحظة الحالية عموما ليس هناك دعم حقيقي للمواطن والليبرالي يقف ضد الدعم المباشر للسلع من طرف الدولة وانما هو مع دعم المنتجين للدخول في حلبة الانتاج والاقتصاد النقدي . عللنا عدم وقوفنا مع الدعم المباشر بواقعة ان وجود الفقر في السودان ناتج عن ضعف الانتاج المحلي والاعتماد على السلع المستوردة بما فيها السلع الغذائية وارتفاع اسعار السكن وضعف التشغيل (العطالة) . أي محاولات لضخ الموارد الضعيفة للدولة في برامج دعم مباشر للوقود او السلع الغذائية هو استمرار في الطريق الخاطئ وليس حلا لجذور الازمة . توجيه تلك الموارد لانعاش الاقتصاد المحلي وتنشيطه بما فيه انتاج السلع الغذائية يساعد كل من المنتجين والمستهلكين .

    من ناحية اخرى يستهلك السكن قسطا كبيرا من دخل المواطن وخصوصا العاملين بالدولة – بدلا من تقديم الدعم المباشر للسلع ستقوم سياسة الحزب على توفير السكن الرخيص سواء عن طريق تشجيع تقديم القروض السكنية او بناء السكن الشعبي من طرف مؤسسات الدولة . هذا سيحقق فائضا كبيرا للاسر التي يذهب جزء كبير من دخلها للايجار. تخفيض تكلفة الطاقة عبر الحل الجذري لأزمتها كفيل ايضا بتخفيض تكلفة الطاقة وبالتالي تحقيق وفر اساسي في الاقتصاد المنزلي. الليبرالي لن يعالج الازمة بمسكنات مثل الدعم المباشر للسلع وانما عبر حلول صحيحة تعتمد على تنشيط الانتاج المحلي وحل الازمات البنيوية في البنية التحتية (طاقة ، طرق، مياه، مواصلات، الخ) وذلك لاحداث التشغيل الكامل للاقتصاد ومضااعفة الدخل القومي وما ينتج عن ذلك من ارتفاع دخل الفرد وانخفاض الاسعار نتيجة لاختفاء الندرة وبذلك نقلل من مستويات الفقر بطريق غير مباشر

    عمليا لا يوجد دعم مباشر للفقراء وما يتم توزيعه من “دعم عبر” صندوق الشهيد وديوان الزكاة وصندوق دعم الطلاب وغيرها هي نقاط في بحر الاحتياجات واغلبها تتم تحت فساد بالغ . هذه معالجات غير مجدية وانما المجدي هو اعادة عجلة الاقتصاد للانتاج والتشغيل الكامل للمجتمع وفي المقام الاول الشباب بما يؤدي لارتفاع دخل الاسرة وتخفيف الاعباء الضريبية والجبايات المباشرة وغير المباشرة ثم اتاحة الفرصة للانتاج والدخول في سوق العمل بتشجيع وتسهيل الحصول على قروض ميسرة للشروع في المشروعات الصغيرة.

    اما بالنسبة للوقود فالملاحظ هو انخفاض كبير في اسعار المحروقات عالميا وحقيقة تمارس الدولة حاليا جباية وارباحا ضخمة من المحروقات ولا تدعمها اطلاقا – نعتقد ان فتح الباب لاستيراد الوقود من طرف القطاع الخاص فضلا عن مؤسسات الدولة وتوجيه المنتج المحلي من البترول للاستهلاك المحلي وادخال مشاريع الطاقة البديلة بشكل واسع للسودان ( شمسية – ريح – تدوير المخلفات الحيوية الخ ) كله كفيل بتخفيف ازمة الوقود تمهيدا لحلها الامر الذي سيؤدي تدريجيا لخفض أسعار المحروقات بما فيها الغاز المنزلي .

    رأينا انه بالنسبة لمعالجة الأزمة المالية الناتجة في الأساس عن انهيار الانتاج الصناعي والزراعي في السودان واختلال الميزان التجاري فهناك عدة خطوات في ضبط الانفاق العام وتوفيق السياسات المصرفية وجذب الأستثمار الخارجي كفيلة بأعادة التوازن المالي تجدها في ” البرنامج العام ” للحزب . من ناحية عامة فإن وجود اسعار مختلفة للدولار وشح وجود العملة الصعبة هو عرض من اعراض الازمة المالية والاقتصادية وتحكم الدولة في الدولار اصلا مرفوض من طرفنا . فتح ابواب الاستثمار الخارجي وفي المقدمة منه استثمارات السودانيين بالخارج وتحسين علاقاتنا الدولية مرتبطا مع تحريك الانتاج المحلي كفيل بتوفير كتلة نقدية من العملات الصعبة كافية لتوفير مدخلات الانتاج الضرورية فقط وليس استيراد القمح والدقيق والسكر الخ.

    عموما في سياساتنا الاقتصادية والمالية ستكون الموازنة العامة مرنة ومتطورة حسب الاحتياجات والمهام العاجلة (task oriented budget) كما سيتم الاهتمام بالمنهج التحليلي وادماج المرأة وقضايا النوع عند صياغة الموازنات (Gender budgeting) بل ومشاركة المجتمعات المحلية والمنظمات المدنية في صياغة موازناتها المحلية او حتى الميزانية العامة (participatory approach).

    وهناك في البرنامج العام للحزب خطوط عامة لمعالجة الفقر تحتاج الى التفصيل ، وفي ورقة “التنمية الريفية ومعالجة الفقر” التي اعدها المهندس قصي همرور للحزب والقوى الديمقراطية نجد هناك تشديدا كبيرا على بناء القاعدة التحتية للانتاج باعتبارها المدخل السليم لتنمية الريف ومعالجة الفقر – يقول :

    (( هنالك أيضا جوانب البنية التحتية المادية الضرورية لزيادة الإنتاجية الريفية وتوصيل منتجاته بالأسواق الخارجية (المحلية والمناطقية والدولية) – مثل توفير المياه النظيفة، والتقسيم الهندسي للأراضي وشبكات الري، والتوزيع العادل والمستدام لها، وبناء الطرق وشبكات السكك الحديدية، وتوفير الطاقة الكهربائية بكميات مناسبة ومصادر مستدامة، الخ – وهي جوانب تحتاج لرعاية القطاع العام، ولا يمكن للقطاع الخاص، في أي مستوى، أن يتكفل بها، لأنها لا تدر أرباحا مباشرة.. إضافة لذلك تحتاج المشاريع الزراعية والحيوانية والتعدينية لتمويلات مصرفية، معقولة ومقبولة ومسؤولة، كرؤوس أموال مطلوبة لتحريك أي نشاط اقتصادي منتج. ))

    ايضا ينظر الليبرالي بعين الدراسة لفكرة دفع “دخل اساسي ثابت ” لكل مواطن راشد وهي فكرة تم تطبيقها في بعض البلدان وستتم دراسات حول امكانية تطبيقها في السودان واحلالها بديلا عن نظام الدعم الاجتماعي والصحي والمعاشي.

    عادل عبد العاطي

    8 يناير 2016

  • عرض مختصر لبعض الأطروحات الإقتصادية للحزبالليبرالي

    هدف البرنامج الاقتصادي الإنعاشي والطويل المدى للحزب الديمقراطي الليبرالي = ((مضاعفة الدخل القومي السوداني خمس مرات في خلال عشرة أعوام من بدء تنفيذ البرنامج))

    بعد إصدار الحزب الديمقراطي الليبرالي لبيانه الأخير عن تصريحات وزير المالية المسيئة للشعب السوداني، وتوضيح الحزب أسباب الأزمة الإقتصادية المتمثلة في الحرب والتسلط والمحسوبية وسوء التخطيط والفساد، سألني أحد المتابعين عن تصورات الحزب الديمقرلطي الليبرالي للحلول المثلى إقتصادياً ، فأجبته في إختصار بالتالي :

    للحزب الديمقراطي اللليبرالي برنامج عاجل للانعاش الاقتصادي يتكون من عدة محاور:

    أولاً: ايقاف الحرب فوراً وايقاف النزف الاقتصادي المرتبط بها،

    ثانياً: اجراء اصلاح اداري بالعودة للاقاليم الخمسة والغاء كل الولايات الحالية وخفض المصاريف السيادية والادارية بنسبة الثلثين،

    ثالثاً: تخفيض نفقات الامن والدفاع ( تصل حاليا ل٧٠٪ ) لدرجة 10% وإعادة تخطيط الميزانية بحيث يذهب القسط الاكبر لتوفير مدخلات الانتاج وخصوصا الزراعي والحبواني والجزء الباقي لتوفير السلع الاساسية والخدمات الاساسية،

    رابعاً: اصلاح العلاقات الخارجية وتحسين تعامل السودان بالخارج بحيث نحصل على الغاء للديون المتراكة وكذلك الحصول على منح وهبات تذهب لتوفير مدخلات الانتاج وتحريك عجلة الاقتصاد،

    خامساً: فتح مجال النشاط للقطاع الخاص وتشجيع المستثمرين السودانيين والاجانب والمغتربين للاستثمار في السودان وتخفيف الجبايات المفروضة عليهم،

    سادساً: وقف التعدين العشوائي واهدار الموارد واعادة تتظيم قطاع التعدين تماماً وبحيث ترتفع كفائته وانهاء اهداره وسرقته،

    سابعاً: حل مشكلة الطاقة بشكل جذري وذلك بعمل عشرات ثم مئات مشاريع الطاقة البديلة وهناك مصادر تمويل جاهزة لهذه المشاريع متوفر في حالة كانت هناك حكومة جادة نظيفة في السودان،

    ثامناً: عمل صناديق ومشاريع لاعادة تعمير المناطق المدمرة بالحرب تحت اشراف اعلى الخبراء السودانيين والدوليين وان تكون مستقلة عن الحكومة،

    تاسعاً: إعادة تاهيل البنى الاساسية والمشروعات التي كان يقوم عليها الاقتصاد وعصرنتها وتطويرها مثل المشاريع المروية والسكة حديد والنقل النهري والصناعات الغذائية والتحويلية الخ،

    عاشراً: ضمان حكم القانون واستعادة الاموال المنهوبة والضرب بيد من حديد على مواقع الفساد،

    حادي عشر : تشغيل الشباب وذلك عن طريق بنك الشباب وتمويل المشاريع الصغيرة وخصوصا في مجالات الانتاج الزراعي والصناعي والحرفي،

    ثاني عشر: استعادة القدرة التنافسية للبضائع السودانية وارجاعها للسوق الاقليمي والعالمي مثل القطن والسمسم والجلود ومشتقاتها.

    تنفيذ هذا البرنامج الذي نملك تفصيلا لكل جوانبه وحسابات دقيقة له وخبراء لتنفيذه وعلاقات اقليمية وعالمية تسنده لمدة ثلاثة سنوات كفيل بانعاش الاقتصاد السوداني ورفع الانتاج واحداث التوازن المالي وحل ازمات السلع والخدمات الاساسية. بعدها يكون الاقتصاد قد تهيأ لمرحلة الانطلاق وحينها يمكن تحقيق برنامج النهضة الاقتصادية المتوسطة لمدة ثلاثة سنوات اخرى وهو برنامج جاهز ايضا للنهوض بالانتاج وفتح قطاعات انتاجية وخدمية جديدة ( كالسياحة) وجذب الاستثمارات الضخمة والبدء في اعادة تخطيط المدن وتحقيق التوازن بين المدينة والريف وحل مشكلة السكن واعادة بناء البني التحتية الخ . بتحقيق البرنامج الانعاشي والمتوسط يمكن لنا مضاعفة الدخل القومي الاجمالي مرتين في خلال 6 سنوات.

    المرحلة الثالثة وهي تمتد لاربع سنوات ومهمتها الانتقال لاقتصاد صناعي تقني خدماتي متقدم مع تحقيق الامن الاقتصادي الشامل للبلاد وخلاصتها أن تصبح خمسة قطاعات أو مكونات للاقتصاد السوداني الافضل في افريقيا. ويشمل برنامج النمو في خلال هذه ال4 سنوات فيها تحريك كل الموارد الكامنة من طبيعية ومادية وبشرية في السودان وًبناء الاقتصاد المتكامل الشامل. المعيار للتنفيذ والنجاح بعد نهاية الفترة الثالثة هو أن يكون الدخل القومي السوداني خمسة مرات عما هو عليه الآن.

    نحن على استعداد لتوفير البرنامج الانعاشي وتنفيذه مع اخرين في خلال ال٣ سنوات الاولى كفترة انتقالية اما البرنامج المتوسط والبعيد المدى فلا يمكن تحقيقهما الا اذا فاز الحزب الديمقراطي الليبرالي بالانتخابات او كان شريكا قويا في الحكومة لان تنفيذ تلك البرامج يحتاج الى اصلاحات سياسية وقانونية وادارية عميقة لن تستطيع الحكومة الانقالية تحقيقها ولا يمكن ان تتم دون تفويض شعبي قوي.

    وقد يتهمنا البعض أن برنامجنا مركزي – ونحن نقول أننا قد وصلنا مرحلة الانهيار الاقتصادي وتوقف الانتاج. لذلك هناك حاجة ماسة لبرنامج اقتصادي قوي يوقف هذا الانهيار ويعيد عجلة الانتاج للعمل. اننا كليبراليين لا نحبذ المركزية ومع اعطاء سلطات واسعة للاقاليم، ولكن هذا لا يمكن ان يتحقق في ظل الانهيار الشامل الجاري حاليا لذلك لا بد من وجود برنامج أقتصادي شامل ومترابط تسنده قوة سياسية محترمة وشابة تستطيع النهوض به وقدرات تنفيذية عالية.

    وقد قال لنا البعض إن المؤتمر الوطني قد يكون الأكثر تأهيلا لتنفيذ مثل هذا البرنامج الانعاشي ثم النهضوي لأنه الحزب الأكثر تأهيلا في السودان لذلك. ونحن نرد أن المؤتمر الوطني قد يكون مؤهل تنظيميا لكنه غير مؤهل بنيويا ولا فكريا ولا اخلاقيا لتنفيذ مثل هذا البرنامج.

    من ناحية أخرى نطمئن الجميع ان هذا البرنامج لن ينفذه اعضاء الحزب الديمقراطي الليبرالي الا في حدود الطرح السياسي، وانما سينهض به الخبراء السودانيون المؤهلون في كل المجالات والقادرين على تنفيذه لو وجدوا الغطاء السياسي من الدولة.

    عادل عبد العاطي

    18-12-2015

    المراجع:

    1. الأطر السياسية والإقتصادية والإجتماعية لبرنامج الحزب الديمقراطي الليبرالي.

    2. البرنامج العام للحزب الديمقراطي الليبرالي .

    3. كتاب : ” رؤى إقتصادية” الصادر عن الحزب الديمقراطي الليبرالي.

    4. بيانات الحزب الديمقراطي الليبرالي عن القضايا الإقتصادية.

  • الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي: الحالة السودانية

    إجابات على أسئلة موقع الحوار المتمدن قدمها عادل عبد العاطي *

    السؤال الاول:


    هل ان الضغوط الخارجية قادرة على اقامة انظمة ديمقراطية في العالم العربي، وهل يمكن ان يعد المشروع الامريكي في العراق من دعائم اقامة الانظمة الديمقراطية خصوصا وان احدى نتائجه كانت كتابة دستور يؤسس لاقامة دولة دينية وحكم رجال الدين؟

    في السودان أسفرت الضغوط الأمريكية؛ ضمن عوامل اٌخرى متعددة؛ عن توقيع اتفاق نيفاشا بين النظام السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان؛ وهو اتفاق وإن اوقف الاقتتال في جنوب السودان وفي بعض المناطق الأخرى؛ الا انه يظل اتفاقا ثنائيا قاصرا بين طرفين يحتكمان فقط الى قوة السلاح؛ ولا يستجيب لمصالح المواطنين الملحة؛ وخصوصا تعويض المواطنين المتأثرين بالحرب وإعادة تأهيل ما خربته الحرب من بني ومؤسسات ومقدرات بشرية ونسيج اجتماعي الخ؛ بل يكتفي فقط بتوزيع السلطة والامتيازات بين من لا يملك ومن لا يستحق.

    (المزيد…)