التصنيف: في العشق والعـشاق

  • ابن عربي والنظام- قصة حب معلن

    مقدمة:

    قد تكون أكبرَ حالةِ حبٍّ مُعلَن لرجل دينٍ إسلامي (بعد حبِّ الرسول الكريم للسيدة عائشة) هي حالةَ حبِّ الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي للفتاة التي سُمّيت بـ”نِظام” أو “النِّظام”، ولقّبت بـ”قُرَّة العين”، وهي التي كتب عنها ديوانَه ترجمان الأشواق، ولا فَتِئ يذكُرُها من حينٍ لآخر، علامةً على الحب الأبدي والمُعلَن.

    قراءة المزيد: ابن عربي والنظام- قصة حب معلن

    قصة اللقاء:

    ويحكي ابن عربي عن أوّل لقائه بنِظام أو قُرّة العين، فيقول في كتابه ذخائر الأعلاق في شرح ترجمان الأشواق:

    “كنت أطوف ذات ليلة بالبيت، فطاب وقتي، وهزّني حال كنتُ أعرفه، فخرجتُ من البلاط من أجل الناس، وطفتُ على الرمل، فحضرتني أبياتٌ فأنشدتُها أُسمِع بها نفسي ومن يليني – لو كان هناك أحد – وهي قوله:

    ليت شعري هل دروا ** أيّ قلبٍ ملكوا

    وفؤادي لو درى ** أيّ شُعبٍ سلكوا

    أتراهم سلِموا ** أم تراهم هلكوا

    حار أربابُ الهوى ** في الهوى وارتبكوا

    فلم أشعرْ إلا بضربة بين كتفي بكفٍّ ألينَ من الخزّ، فالتفتُّ فإذا بجاريةٍ من بنات الروم، لم أرَ أحسنَ وجهاً، ولا أعذبَ منطقاً، ولا أرقَّ حاشية، ولا ألطفَ معنى، ولا أدقَّ إشارة، ولا أظرفَ محاورةً منها؛ قد فاقت أهل زمانها ظرفاً وأدباً وجمالاً ومعرفة، فقالت: يا سيدي، كيف قلت؟ فقلت: ليت شعري هل دروا ** أيّ قلبٍ ملكوا.

    فقالت: عجباً منك، وأنت عارفُ زمانك، تقول مثل هذا! أليس كل مملوك معروفاً؟ وهل يصحّ الملك إلا بعد المعرفة؟! وتمنّي الشعور يؤذِن بعدمها، والطريق لسانُ صدق، فكيف يجوز لمثلك أن يقول مثل هذا؟ قل، يا سيدي، ماذا قلتَ بعده؟ فقلت: وفؤادي لو درى ** أيّ شُعبٍ سلكوا.

    فقالت: يا سيدي، الشُّعَبُ التي بين الشغاف والفؤاد هي المانع له من المعرفة؛ فكيف يتمنّى مثلك ما لا يمكن الوصول إليه إلا بعد المعرفة؟! والطريق لسانُ صدق، فكيف يجوز لمثلك أن يقول مثل هذا، يا سيدي؟! فماذا قلتَ بعده؟ فقلت: أتراهم سلِموا ** أم تراهم هلكوا.

    فقالت: أمّا هم فسَلِموا، ولكن أسأل عنك؛ فينبغي أن تسأل نفسك: هل سلِمتَ أم هلَكتَ، يا سيدي؟ فما قلتَ بعده؟ فقلت: حار أربابُ الهوى ** في الهوى وارتبكوا.

    فصاحت وقالت: يا عجباً! كيف يبقى للمشغوف فضلةٌ يُحار بها؟ والهوى شأنه التعميم، يُخدِّر الحواس، ويذهب العقول، ويُدهش الخواطر، ويذهب بصاحبه في الذاهبين؛ فأين الحيرة؟! وما هنا باقٍ فيُحار، والطريق لسانُ صدق، والتجوُّز من مثلك غير لائق.”

    التعارف:

    ويمضي ابن عربي بعد هذا الحوار العجيب الذي أفحمته فيه الفتاة، فيذكر:

    “فقلتُ: يا بنت الخالة، ما اسمك؟ قالت: قُرَّة العين. فقلتُ: لي. ثم سلّمتْ وانصرفتْ. ثم إني عرفتها بعد ذلك وعاشرتُها، فرأيتُ عندها من لطائف المعارف الأربع ما لا يصفه واصف.”

    ومن الواضح أن الفتاة كانت تعرف ابن عربي؛ إذ تسميه بـ”عارف زمانه”، وهو لا يعرفها، مع أنه كان يعرف أباها، وكان صديقاً روحياً له، وقد ذكره في نفس الكتاب وفي مواضع أخرى، وهناك دلائل على تعاونهما العلمي وأخوتهما الروحية، حيث يقول:

    “فإني لما نزلت مكة سنة خمسمائة وثمانٍ وتسعين، ألفيت بها جماعةً من الفضلاء، وعصابةً من الأكابر والأدباء والصلحاء، بين رجال ونساء، ولم أرَ فيهم – مع فضلهم – مشغولاً بنفسه، مشغوفاً فيما بين يومه وأمسه، مثل الشيخ العالم الإمام، بمقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، نزيل مكة، البلد الأمين، مكين الدين أبي شجاع زاهر بن رستم بن أبي الرجاء الأصفهاني – رحمه الله.”

    قصة حبٍّ مُعلَن:

    ويمضي ابن عربي أكثر ليصف “النظام” أو “قُرَّة العين”، في كلمات تنضح بالحب، فيقول:

    “وكان لهذا الشيخ – رضي الله عنه – بنتٌ عذراء، طفيلةٌ هيفاء، تقيّد النظر، وتُزيِّن المحاضر، وتحيّر المناظر، تُسمّى بالنظام، وتلقّب بعين الشمس، وإليها من العابدات العالمات السابحات الزاهدات، شيخة الحرمين، وتربية البلد الأمين الأعظم بلامين، ساحرة الطرف، عراقية الظرف، إن أسهبتْ أتعبتْ، وإن أوجزتْ أعجزتْ، وإن أفصحتْ أوضحتْ، إن نطقتْ خَرِسَ قُسُّ بن ساعدة، وإن كرُمتْ خَنِسَ معنُ بن زائدة، وإن وَفَتْ قصّر السموأل خُطاه، وأغرى ورأى بظهر الغُرر وامتطاه.”

    ويمضي أكثر ليقول:

    “ولولا النفوسُ الضعيفة، السريعةُ الأمراض، السيئةُ الأغراض، لأخذتُ في شرح ما أودع الله تعالى في خلقها من الحُسن، وفي خُلُقها الذي هو روضةُ المزن، شمسٌ بين العلماء، بُستانٌ بين الأدباء، حُقَّةٌ مختومة، واسطة عقدٍ منظومة، يتيمةُ دهرها، كريمةُ عصرها، مسكنُها جياد، وبيتها من العين السواد، ومن الصدر الفؤاد، أشرقتْ بها تهامة، وفتح الروضُ لمجاورتها أكمامه… عليها مسحةُ مَلَك، وهمّةُ مَلِك… فقلّدناها من نَظْمنا في هذا الكتاب ترجمان الأشواق أحسن القلائد بلسان النسيب الرائق، وعبارات الغزل اللائق، ولم أبلغْ في ذلك بعضَ ما تجده النفس من كريم ودّها وقديم عهدها، إذ هي السُؤْلُ والمأمول، والعذراء البتول، ولكن نظّمنا فيها بعضَ خاطر الاشتياق من تلك الذخائر والأعلاق… فكلُّ اسمٍ أذكره في هذا الجزء فعنها أُكنّي، وكلُّ دارٍ أندبها فدارها أعني.”

    زواج الشيخ من النظام:

    ورغم أن حبّ ابن عربي للنظام أمرٌ مُعلَن، فقد حاول السلفيون – ولا يزالون – أن يجعلوا منه منقصةً في حق الشيخ؛ والذي تشير كل الدلائل إلى أنه تزوّج بالنظام؛ ومن ذلك قوله:

    “فقلت: يا بنت الخالة، ما اسمك؟ قالت: قُرَّة العين. فقلت: لي.”مما يعني عزمه على زواجها؛ وخصوصاً لما اتّضح أنها بنت صديقه، ولِما رأى فيها من علمٍ وملاحةٍ وذكاء، مما أسرف في وصفه. ثم إن ابن عربي يقول:

    “ثم إني عرفتها بعد ذلك وعاشرتُها، فرأيتُ عندها من لطائف المعارف الأربع ما لا يصفه واصف.”

    ولا يُعقَل لمن كانت بنتَ زعيمٍ ورجلِ دينٍ أن تكون معرفتها ومعاشرتها لابن عربي حتى يجد منها “ما لا يصفه واصف” إلا في سياق الزواج.

    على أن ابن عربي يذهب أبعد من ذلك؛ حين يقول في كتابه محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار – والذي ينقل فيه الكثير من قصائده عن النظام – بعد أن يحكي قصة لقائه معها:

    “وكان لنا أهلٌ تُقرّ العين بها، ففرّق الدهر بيني وبينها، فتذكّرتُها ومنزلها بالحلة من بغداد.”

    وكلمة “أهل” في اللغة التراثية تعني الزوجة، أما قوله “تقر العين بها”، فهو قطعاً إشارة للقبها “قُرَّة العين”، وهو من أساليب ابن عربي البلاغية في المجاز والإشارة، إلا أن الإشارة واضحة هنا بأنها كانت زوجته. ولا نعلم سرّ افتراق ابن عربي عنها، أو افتراقها عنه، ولكننا نعلم قطعاً أنها سكنت بغداد بعد ذلك؛ وفي ذلك يقول ابن عربي:

    أحبُّ بلادَ الله لي بعد طيبةٍ ** ومكةَ والأقصى مدينةُ بغدان

    ومالي لا أهوى السلامَ ولي بها ** إمامُ هُدى ديني وعقدي وإيماني

    وقد سكنتها من بَناتِ فارسٍ ** لطيفةُ إيماءٍ مريضةُ أجفان

    تُحيِّي فتُحيِي من أماتتْ بلحظها ** فجاءتْ بحُسنى بعد حُسنٍ وإحسان

    ترجمان الأشواق – أثر الحب الباقي:

    إلا أن الأثر الباقي من قصة الحب المُعلَن يظل كتاب ترجمان الأشواق، والذي من الواضح أن قصائده قد كُتبت في فترات مختلفة؛ بدءاً من سنة 598 هـ، وهي السنة التي تعرّف فيها على النظام، ثم جمعها في كتاب واحد في تلك السنة. وربما أضاف ابن عربي للكتاب بعد ذلك قصائد جديدة، وأصدر الكتاب بنسخته النهائية بعد ذلك بسنين، ذلك أن ابن عربي حين يذكر أبا النظام في مقدمة الكتاب، فإنه يترحّم عليه، وتقول المراجع إن الرجل قد مات عام 609 هـ، فوق إشارة الديوان إلى أماكن عديدة في بغداد والبصرة، والتي لم يزرها ابن عربي إلا في سنتي 601 ثم 608 هـ.

    ولما كان كتاب ترجمان الأشواق قد أثار الكثير من الضجّة، وجعل بعض فقهاء الشام يشنّعون على ابن عربي، فقد تقدم صاحباه بدر الحبشي وإسماعيل بن سودقين يطلبان إليه شرح هذا الديوان، رغم أن ابن عربي قد كتب في مقدمة الديوان أن كلَّ ما يذكره من أسماء ومديح وغزل في هذا الكتاب إنما هو إشارة إلى معانٍ إلهيةٍ رفيعة. وقد أضاف ابن عربي في الباب 98 من كتابه الموسوعي الفتوحات المكية أن ما يذكره في أشعاره – فيما يخص ترجمان الأشواق وغيره – “أنها كلّها معارفُ إلهيةٌ في صورٍ مختلفة من تشبيبٍ ومديحٍ وأسماء نساءٍ وصفاتهنّ وأنهارٍ وأماكن ونجوم”.

    خاتمة:

    لكن لم يكن كلُّ هذا مُقنِعاً للفقهاء الغلاظ؛ لهذا السبب اضطر ابن عربي لكتابة كتابٍ آخر، شرحاً للديوان، وهو كتاب ذخائر الأعلاق في شرح ترجمان الأشواق، كتبه عام 611 هـ في حلب، وقال فيه تبريراً:

    “ولم أزل فيما نظمته في هذا الجزء على الإيماء إلى الواردات الإلهية، والتنزلات الروحانية، والمناسبات العلوية، ولعلمها – رضي الله عنها – بما إليه أُشير، ولا يُنبّئك مثل خبير، والله يعصم قارئ هذا الديوان من سبقِ خاطره إلى ما لا يليق بالنفوس الأبية، والهمم العليّة المتعلقة بالأمور السماوية، آمين بعزّة من لا ربّ غيره، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.”

    وقد يكون في الحب من مثل ذلك كلّه، إذا كان – كما يقول ابن عربي – ديناً وإيماناً.

    عادل عبد العاطي

    23–9–2008

  • ليس هو الحب

    ليس الذي يشتل كالتمر ثم يشذب كالزهر هو الحب. الحب لا يزرعه بستاني او اثنان ولا ينثر عليه السماد ولا يرش حوله الماء ولا يهش عنه الطير والسابلة والداجن. الحب لا يولد صغيرا فيكبر كما الاطفال ولا يشيخ كما الكهول. لا ينحني ظهره ابدا ولا يشيب. ليس هذا الحب وانما هو شبه الحب. ما يستزرع ويولد ويهجن ويراعي ويثمر ويحصد هو ما يبقي البشر احياء وما يبقي النوع وما يحفظ النسل. هو ما يبني الاسر والمجتمعات ولكنه ليس الحب.

    الحب ليس هذا ولا يشبه شيئا من هذا. الحب لا يحي وانما يميت. لا يخلق حياة جديدة وانما يدمر حيوات قائمة. لا يسعى للاستقرار وانما للدمار. هو اعصار وزلزال ومليون قنبلة هيدروجينية في آن. طابعه الاصلي هو الجنون ومفارقة المنطق ورفض الوقائع ومجانبة الحكمة. من ظفر به تعذب ومات وعاش حياة الابدية في ثانية ومن لم يعرفه كان سعيدا وعاش طويلا وانجب البنين و البنات وعاش في تبات ونبات وسبات.

    الحب لا تحكمه قوانين البشر وانما قوانين الالهة البدائية التي انقرضت مثل الديناصوات، وتركت لعنتها حية تسعى فينا وبيننا. الحب ينبع من تلك الروح البدائية الاولى التي تكون منها الكون في لحظة الانفجار العظيم. تلك الروح غير المشذبة وغير الواعية التي اخرجت الكون – والحب – في سرابيل الالم والدم. لا غرو اذن ان يولد الاطفال من بين معاناة وبكاء وصراخ، فهم امتداد ذلك الخلق الاول. الحب هو خلق وعذاب. ذلك كان شأن الوجود الاولى ولا تغالطوني في ذلك لأني كنت هناك.

    الحب موستانغ جموح اذا روضته حولته لحصان ركوب او زينة او نقل ولكنه يخسر للابد جماله الوحشي. الحب اذ توقف همد واذا همد مات. الحب هو الغيرة وهو الشك وهو الجنون وهو ان تختصر الكون في انسان وان يكبر لديك انسان فيصبح هو الكون. الحب هو ان تبيع روحك لأجل التفاتة ممن تحب. الحب هو ان تتمنى موتك حتى تحصل على دمعة ممن تحب.

    الحب هو لعنة البشرية وسر تميزها، وما يخرج بها من حياة الديدان واسفل سافلين الى حياة الالهة والمردة والجن والشياطين. الحب هو ان تشعر بطاقة شارب مليون زجاجة رد بول عندما تكون سعيدا وان تكون منسحقا كضفدعة دهستها عشر حاشنات لما تكون تعيسا. الحب هو ان تعطي بلا من وتلحد بلا كفن وتسير بلا زمن وان لا يحدك مكان والا يكون الموت نفسه حاجزا بينك وبين من تحب ، او بينك وبين ان تحب.

  • حكاية بيت

    قبل عام او قرن انتقلنا مع من تحبها نفسي لبيت جديد اختارته ونسقته بنفسها وعطرته بالبخور واللبان والعطور، ثم لم تلبث فيه الا قليلا حتى طارت كريميديوس ولم تأخذني كشمسة، واخذت جل قلبي معها وكل عقلي.

    في خلال عام او قرن كان ذلك البيت لي بيتاً وصديقاً ومعبدا ً ومزاراً وغار حراء، اشم فيه رائحتها وارى فيه لمستها وألمح بين النوم واليقظة في ثناياه طيفها. كان تاج محلي أُمارس فيه جنوني وعملي واتقلب فيه بين ألمي وأملي وابكي فيه واضحك واموت فيه يومياً وأحيا.

    كان ذلك البيت كبيرا علي لوحدي وصغيراً على الحب الذي يملأه. عشت فيه وحدي ولكني لم اكن فيه وحدي، فهي لم تفارقه اذ لم تفارق بعض قلبي الذي بقي معي.

    فهمتُ حينها لمّ كان قيس يُقبّل جدران ديار ليلى وليلى بعيدة ذاهبة في الغياب. فهمت كيف إن للبيوت حكاياتها وللناس كبواتها وللغياب منطقه وللعشق جنونه وللحب سلطان.

    فهمت ان البيت الحقيقي ليس جدرانا نبنيها و نزينها واثاث نختاره وننسقه وانما بشر يقطنونه وحب يعطر جوانبه ويسكن ساكنيه. فهمت انها هي بيتي ووطني، قيامي وظعني، فرحي وحزني، عقلي وجنوني؛ وان بيتي الحقيقي فيها وحواليها، اينما كانت وحيثما حلت.

  • خواطر في غياب المحبوبة


    ” عندي مزاج شجرة الصبار “


    في غيابها أصبح الوطن غربة وأصبحت الغربة جحيماً – بدونها اصبحت كل الحياة منفىً كبيراً


    لقد كانت صحوي ومنامي؛ تمردي وايماني؛ عقلي وجنوني، صخبي وسكوني. كانت الموسيقى قربها احلى والطعام اشهى والصباح اجمل والمساء اكثر روعة. كان النوم قربها وتحت انفاسها مريحا وممكنا وكان الصحو على وقع خطاها بهيا وكامل الاشراق. كان بخورها احلى العطور وحضورها أجمل الحضور وكانت هي احلى من عرفت من النساء والطف من عرفت من الناس. كانت جميلة في فرحها وحزنها ونبيلة في غضبها وحنينها. كانت حياتي الحقيقية وحبي الاول والاخير – كانت فردوسي الذي فقدته.


    She” was my North, my South, my East and West,
    My working week and my Sunday rest,
    My noon, my midnight, my talk, my song;
    I thought that love would last forever: I was wrong.

    The stars are not wanted now; put out every one,
    Pack up the moon and dismantle the sun,
    Pour away the ocean and sweep up the wood;
    For nothing now can ever come to any good.

    بتصرف من Wystan Hugh Auden


    :: لو كان ليوم ميلادي من أهمية ؛ فهي أنه مناسبة جميلة لتلقي تهنئتها ::

    دائما ما تجعل يوم عيد ميلادي جميلا حتى في احلك الاوقات – رسالتها لي قبل عدة سنوات في عيد ميلادي كانت اجمل كلام قرأته او وجهه شخص لي في حياتي. عيد ميلادي في 2014 كان الاجمل منذ ولدت . حتى في 2015 لم تنسي التهنئة رغم الظروف القاسية . شكرا لها فدائما ما تهديني الخير والجمال وأنا لم اقدم لها الكثير. وشكرا لها اذ كانت اجمل هدية لاقتني في حياتي وأنا لم اشكرها وربما لم أوضح لها كم هي غالية علي. انا ممتن لها جدا وممتن للزمن الذي ربط طريقي بطريقها ذات يوم .


    لا ترحل بدوني ( جلال الدين الرومي):



    أيها العاشق، يا غبي. حاذر أن تحضن شمسا ملتهبة وحية. لأنك حينها إحتراقا تحترق وموتا تموت.


    عندما نعشق انسانا ما، والعشق هو فوق الحب وهو درجة من الجنون وملامسة المطلق، فإننا نخلع عليه صفاتا سحرية ونجرده من إنسانيته ونضعه في مصاف الملائكة،على الأقل. فيي كل هذا نظلمه. نظلم انسانيته وحاجياته البسيطة والطبيعية في أسطرتنا له. معذرة فأنتي لم تكوني إلها او شيطانا، وانما كنتي ولا زلتي إمراة. ( من وحي مشاهدة فيلم ” المدن الورقية ” مع Amalia Abdel Aati).


    انت نقطة ضعفي الوحيدة، وكل قوتي.


    قالت : انت تدافع عن حقوق كل النساء ؛ الا حقوقي .. وانت لطيف مع كل النساء ؛ عداي .. عذرا صديقتي فقد كنت اتعامل معك انك فوق كل النساء وفوق كل البشر وأنك أنت ذاتي- معذرة على كل تقصير وكل خطأ غير مقصود وكل ألم وجرح .


    لطالما وددت اهانة محمد المكي ابراهيم اهانة اكثر من شخصية. فهو في ادعائه الشاعرية لم يفهم ما اسماه لوركا بسر الروح المبدعة ، وهو في تمجيده لشكليات الحياة لم يفهم ما هو سرها الباقي ووجهها الآخر ، وهو الموت. وهو في احتفائه بأمته لم يحتفي بالفرد فيه وفينا. وهو في تمجيده للبراغماتية والروح الاسبارطية وتحويل الحب الى ساحة للحرب لم يفهم معنى جنون الحب والحب الجنوني. لم يفهم ود المكي ان ابن الملوح لم ينهزم امام القبيل وانما انهزم امام نفسه اللوامة ، ولم يسقط امام الرعب وانما سقط تحت وطأة مشاعره المجنونة التي اضاعت منه العقل واوهنت منه الساعد واليد. لم يفهم ان قصة ابن الملوح هي قصة الجنس الانساني في ميله للتدمير الذاتي. لم يفهم في شاعريته المدعاة ان المعذب والمحب لا يهان ولا يهين.


    الثلاثة مستحيلات موجودة .

    الغول هو الشر الكامن فينا والطافح يوميا في ملايين الشرور الصغيرة ، هي شعر الغول واظافره وانيابه وقرونه ورؤوسه الالف وعيونه المليون. الخل الوفي – كما تبدى لي- هو بكري جبريل. العنقاء امسكتها بيدي التي سيأكلها الدود ثم دفنتها في حضني حتى اختنقت واجبرتها على اكل اللحم بعد ان كانت تشرب الندى وتاكل العنبر، ثم اطلقت سراحها لما قاربت على الموت.


    المرض يقتل الجسد، الهم يقتل الروح.


    إنني أُثني على الحي الذي
    حن للموت بأحضان اللهيب.

    في ليالي الحب والشوق الرطيب،
    يصبح الوالد والمولود أنت،
    يحتوي قلبك إحساس غريب
    ومن الشمعة إطراق وصمت.

    تترك السجن الذي عشت به
    غارقا في عتمة الليل الكئيب
    ينشر الشوق جناحيه إلى
    وحدة أعلى وإنجاب عجيب.

    سوف تعروك من السحر ارتعاشة،
    ثم لا تجفل من بُعد الطريق،
    وستأتي مثلما وقت الفراشة،
    تعشق النور فتهوى في الحريق.

    من رباعيات الشاعر الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته – الابيات من قصيدة “حنين مبارك” Selige Sehnsucht” من الديوان الشرقي الغربي (West-östlicher Divan) – ترجمة د. عبد الغفار مكاوي . اختيار الابيات من طرفي .


    :: في عينيك رأيت العالم وفي حبك وجدت نفسي ::


    الحب موت صغير….. (ابن عربي)


    مين دا اللي نسيك ؟

  • ابن عربي والنساء

    مقدمة:

    كان الشيخ محيي الدين ابن عربي مُحبًّا للنساء، ضمن حبّه لكلّ البشر. ومن منطلق نظريته أن الدين الحقيقي هو المحبة، وبتأثيرٍ من تجربته الشخصية وعلاقاته بالنساء، فقد كان يحبهنّ ويحترمهنّ. ولا غرو، فهو القائل:

    أُدينُ بدينِ الحبِّ أنّى توجّهتْ ** رَكائبهُ، فالحبُّ ديني وإيماني.

    نساء حول إبن عربي:

    ورغم أن كتابات ابن عربي تكاد تخلو من ذكر النساء تفصيليًّا أو التطرّق إلى حياته الشخصية والعائلية، إلا أنّ كلّ من ذكرهنّ – بابتسار – في كتاباته من النساء، كان ينطلق تجاههنّ من حبٍّ عظيم واحترامٍ أعظم. وذلك سواء تعلّق الأمر بأستاذاته (شيخاته) العجائز، مثل فاطمة القُرطُبيّة التي كان يقوم بخدمتها سنوات، والتي كانت بمثابة أُمّه الروحية، أو شمس “أم الفقراء” التي عرّج عليها بالمغرب، وقال إنها من الأولياء الأواهين، وهنّ الشيخات اللاتي تحدّث عن فضلهنّ وولايتهنّ.

    ونرصد نفس الأمر في علاقته تجاه زوجاته، واللاتي ذكر منهنّ في كتبه فاطمة بنت يونس بن يوسف (أمير الحرمين)، ومريم بنت محمد بن عبدون، التي وصفها بالمرأة الصالحة، وتحدّث عن علمها ورؤيا لها. وكذلك تجاه أُختَيه، واللاتي رأى في رؤيا أنه سُمح له بالشفاعة يوم القيامة، فشفَع في عدد من الناس، منهم أختاه: “أم علاء” و”أم سعد”.

    دور الانثى في الكون:

    ولابن عربي احتفاءٌ خاصٌّ بالأنثى، ضمن نظريته عن الكون، وعلاقة الذكورة والأنوثة فيه. فنَجده في الفتوحات المكية، في معرض حديثه عن مشاهدته القلبية للأنبياء، وذكره لعيسى، يقول:

    “قد جثا يُخبره بحديث الأنثى.”

    بل إنّ ابن عربي يذهب أبعد من ذلك، ليقول إنّ كلّ الكون، ليس فيه رجلٌ واحدٌ، بل الرجال هم إناثٌ حقًّا؛ حين يتحدّث عن إحدى مراتب الوجود، أي مرتبة القابلية والانفعال والتأثّر، وذلك في قوله:

    إنّا إناثٌ لما فينا يُولّدُهُ ** فالحمدُ للهِ ما في الكونِ من رجلِ

    إن الرجالَ الذين العرفُ عينّهمُ ** هُمُ الإناثُ، وهم نفسي، وهم أملي.

    إبن عربي وولاية النساء:

    ورغم أن بعض الفقهاء حاولوا أن يقفوا ضد أهلية المرأة لتولّي القضاء أو الولاية العامة (الحكم)، استنادًا إلى أقوال نُسبت إلى ابن عربي، إلا أنه لا ريب عندي أنّ ابن عربي كان يقف مع ولاية المرأة السياسية، إذا كان يعترف لها بحقّ الولاية الصوفية، بل حقّ أن تكون قُطبَ الزمان والإنسان الكامل. يكتب ابن عربي في رسالته عقلة المستوفز، باب “الكمال الإنساني”، التالي:

    “كلامُنا إذن في صورة الكامل من الرجال والنساء، فإنّ الإنسانية تجمع الذكر والأنثى، والذكورية والأنوثية إنما هما عَرَضان، ليستا من حقائق الإنسانية.”

    فلا يُعقَل أن يرفض ابن عربي للمرأة الولاية السياسية أو ولاية القضاء، وهو قد اعترف لها بما هو أكثر من ذلك: القطبية، وتصريف شؤون الكون.

    خاتمة:

    هذا ما كان من موقف إبن عربي من النساء، بإختصار وابتسار. وسنرجع لعلاقته مع النظام وحبه المُعلن لها، في مقامٍ آخر. إلا أنه حتى ذلك الوقت، يمكن الرجوع إلى الدراسة القيّمة للدكتورة سعاد الحكيم بعنوان:

    “المرأة وليّة.. وأنثى.. قراءة في نص ابن عربي”،

    فهي دراسة شيّقة لمن أراد الاستزادة.

    عادل عبد العاطي

    23–9–2008


  • عودة العنقاء

    وتعود العنقاء من تحت الرماد اجمل وازهى واقوى ..
    ذلك لأنها حملت في داخلها الصدق الاصيل والجمال الاصلي واللا خطيئة. من ضمن جميع المخلوقات رفضت ان تعصي الأمر الإلهي وإنحازت لسلامها الداخلي فكان أن ضمنت الحياة الابدية كأبهى وأجمل الكائنات.
    لا تصلح العنقاء للحياة في عالمنا؛ ذلك انه عالم مليء بالقبح والكذب والخطيئة. تعاني إذ تنزل لعالم الناس من المرض ومما يرشح فيها من حياتهم البائسة من آلام. تكاد أن تموت فداءاً لهم؛ وهم لا يشعرون. ولكنها دائما تستمد القوة من طبيعتها الاولى لتنهض أكثر قوة وبهاءاً.
    تحب العنقاء الجمال وتعشق الخير. تهب نفسها للفداء وتحرق نفسها في وسط العطور واللبان لتعطى لعالمنا لوناً أجمل ورحيقاً افضل. تعود من بعد الغياب دائما لثبت لنا إن الأصل في الحياة هو الجمال وهو الحب وهو الصدق.
    العنقاء في زماننا هذا تجسدت في إمراة . أصبحت – لمن يعرفها – مركز الكون واصبحت هي الكون . نحن من عرفناها ولمسناها ودخلنا لعالمها البهي كنا اولئك المحظوظين الأبديين؛ اصحاب الحظوة والقرب؛ وتحولت حياتنا تحت أجنحتها الذهبية وفي ظل دفء قلبها النبيل الى عالم من السعادة المتجددة لا ينتهى.
    فلتنهضي إيتها العنقاء من جديد؛ كما في كل مرة، وأمنحينا وأمنحي العالم الجمال والحياة.
  • ما لا يعول عليه ( في الحب )

    مقتطفات من رسالة الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر محي الدين بن عربي والموسومة (رسالة ما لا يعول عليه ) وتتضمن ما لا يعول عليه من احوال الحب والمحبة والمحبين

    المكان إذا لم يؤنث لا يعوَّل عليه،

    كل تنهد يكون عن فقد في عين وجد لا يعوَّل عليه.

    السهر من غير سمر لا يعوَّل عليه.

    كل إخلاص لا يعوَّل عليه، فإنه ما ثم ممن.

    الوجد الحاصل عن التواجد لا يعوَّل عليه.

    والوجود الذي يكون عن مثل هذا الوجد لا يعوَّل عليه.

    المحبة إذا لم تكن جامعة لا يعوَّل عليها.

    كل محبة لا يؤثر صاحبها إرادة محبوبه على إرادته فلا يعوَّل عليها.

    كل محبة لا يلتذ صاحبها بموافقة محبوبه فيما تكرهه نفسه طبعا لا يعوَّل عليه.

    كل حب لا ينتج إحسان المحبوب في قلب المحب لا يعوَّل عليه.

    كل حب يعرف سببه فيكون من الأسباب التي تنقطع لا يعوَّل عليه.

    كل حب يكون معه طلب لا يعوَّل عليه.

    كل حب لا يتعلق بنفسه وهو المسمى حب الحب لا يعوَّل عليه.

    كل حب لا يفنيك عنك ولا يتغير بتغير التجلي لا يعوَّل عليه.

    كل حب تبقي في صاحبه فضلة طبيعية لا يعوَّل عليه.

    كل شوق يسكن باللقاء لا يعوَّل عليه.

    كل شهوة غير شهوة الحب لا يعوَّل عليها.

    الحب الذي يعطيك التعلق بوجود المحبوب وهو غير موجود فهو صحيح وإن لم فلا تعول عليه.

    كل وصل لا يظفرك بالفائت لا يعوَّل عليه.

  • في أحوال العشق والعشاق

    قلت لشيخي حدثني إذن عن حال العاشقين والعشق؛ فأنا غرير يا سيدي في هذا الطريق. قال لي احذر يا رفيق من هذا الطريق ؛ ففي أوله حريق وفي نهايته غرق.

    قلت له زدني. قال لي ادخله أن اردت ان يكون ليلك سهرا ؛ ونهارك صبرا؛ وأكلك نزرا؛ وشربك كدرا. قلت كأنك تنهيني عنه يا شيخي . قال لي ابتعد عن طريقه ان كنت من اصحاب اليقين؛ فأنت اذا كنت في هذا الحال لا تيقن بشيء؛ فحالك في اللحظة وأختها غير الحال. تؤمن في ساعة حتى تصبح في جنات النعيم؛ ثم تشك في لاحقتها حتى تدخل لجج اسافل الجحيم.

    قلت لمّ ذاك؟ قال لي هو حال كغير الحال ؛ لا يعرفه اصحاب العقل والمقال وانما اهل الذوق والخيال. قلت زدني : قال انك لن تعرفه من مقاعد الدرس؛ وانما من جنون القلب ومعاناة الحس.

    قلت لم افهم . قال وستجهل اكثر إن تذوقته؛ فأنت فيه لا تعرف نفسك و لا نفسك تعرفك؛ حيث يكون الكون كله في محصورا في شخص المعشوق؛ وكل همك الوصول اليه؛ ولا وصول؛ وكل مناك الوصل به؛ ولا وصال.

    قلت كيف ذلك . قال لي ذلك ان اكتمال العشق من المحال؛ وحال العاشقين هو حال سقم لا شبع فيه ولا ري؛ ولا سكن فيه ولا دفء؛ فشبعك من العشق هو في استمرار الجوع؛ وريك منه هو غرقك فيه؛ ودفئك منه هو احتراقك به؛ وسكنك فيه هو في دوام التحول.

    قلت أهو لذيذ ؟ قال فيه ما لا عين رأت ولا لسان ذاق ولا أذن سمعت ولا قلب طاق ولا خطر بعقل بشر. قلت اُريده اذن. قال اذهب فأنت مخير؛ وقد حدثتك يا مجنون؛ فلا تعود وتشكي لي في الغد مما فعل قلبك؛ ومن سهر الليالي وسماع الأغاني وبحور الدموع وضمور الضلوع وإنعدام الدين واليقين.

     

    أشارة مرجعية :

    من نصوص الشيخ الأكبر ابن عربي في الحب

  • دمعة – Lágrima

    هذه الأغنية بعنوان  دمعة  او ( Lágrima) باللغة البرتغالية  واحدة من كلاسيكيات موسيقى الفادو في البرتغال. كتبها الشاعر  كارلوس كونشالفيس وآدتها أول مرة مغنية الفادو الاسطورية  اماليا رودريغيز. تم اعادة ادائها عدة مرات من العديد من فنانيي وفنانات الفادو ومن اهمهم  دولسه بونتيز . قمت بترجمتها اعتماداً على نصين انجليزي وبرتغالي

    (المزيد…)