التصنيف: مــقــالات سيــاســيـة

مقالات وكتابات حول السياسة السودانية والعالمية

  • الانتخابات كوسيلة لاسقاط النظام

    لقد كتبت على صفحات هذا المنبر اكثر من مرة ادعو المعارضة لاتخاذ تكتيك الانتخابات وسيلة لاسقاط النظام – بالحد الاقصى – وذلك بتقديم مرشح موحد للمعارضة؛ ولتجميع الصفوف ضده وبناء قاعدتها التحتية – كحد ادنى – اذا لم يتم الاسقاط مباشرة .

    كان هذا رأينا منذ العام 2008 تقريبا ؛ ودعمنا حملة قرفنا (حملة اسقاط المؤتمر الوطني ) في 2009 ؛ وكنا على استعداد لدعم السيد ياسر عرمان كمرشح اقوى للمعارضة عام 2010 ؛ عندما فشلت المعارضة في تقديم مرشح واحد. ولكن السيد عرمان وحزبه لم يبديان رغبة كبيرة للتعاون؛ ثم انسحب فجأة في خذلان كبير للجماهير وانسحبت من بعده قيادات المعارضة الاخرى في غير انتظام ومن غير رشد او هدى ؛ تاركة الشعب السوداني وحده في مواجهة البشير دون قيادة ودون بديل .

    بعدها دعونا للاستفادة من التجربة والتحضير في مدى 5 سنوات للانتخابات القادمة وتقديم مرشح موحد؛ ولقد اعلنت عن موقفي هذا في كل المنابر وفي الحوار مع كل القيادات الحزبية التي التقيت بها – ولكن كانت اغلب تلك القيادات صماء .

    كما دعمنا مرشحين مستقلين وشباب وثوريين في انتخابات 2010 فضلا عن مرشحينا ؛ قم في انتخابات 2013 التكميلية في عدد من الدوائر؛ حين تراجعت الاحزاب الاخرى عن دعمهم ؛ ومن بينهم مرشح الشباب في العيلفون ومرشح تجمع القضارف للخلاص لمنصب الوالي ؛ وكنا طوال الوقت نشارك في كل الانتفاضات الشبابية التي لم تدعمها الاحزاب وتركت الشباب وحدهم يواجهون عنف السلطة ورصاصها وترسانتها الجهنمية.

    لقد اهدرت المعارضة امكانية هزيمة المؤتمر الوطني انتخابيا في 2010 ؛ وها هي تكاد تهدر امكانية اسقاطه انتخابيا وامكانية التفاعل مع الجماهير والاحتكام لها؛ في الوقت الذي تمارس فيه بعض تنظيماتها الحرابة التي خربت الاقاليم السودانية ؛ وتفاوض فيه اطراف اخرى رغبة في اقتسام السلطة معه؛ بينما تواليه بصورة واضحة او مضمرة اطراف منهم بل يأكلون معه مال السحت ويقتسمون معه دم الشعب عبر اولادهم ومنتدبيهم؛ ولا يريدون الاحتكام لصوت الشعب ونبض الشارع ، رغم ان الشعب السوداني يستحق رئيسا افضل من البشير وحكما افضل من حكم المؤتمر الوطني وتكتيكات افضل واقل تكلفة من تكتيكات الحرابة او التسوية.

  • ترشيح البشير استفزاز للشعب السوداني

    اعلن حزب المؤتمر الوطني اعادة ترشيح البشير للانتخابات التي يمضي المؤتمر الوطني قدما في تنظيمها دون مراعاة لدعاوي الحوار التي اطلقها النظتام نفسه ولرفض معظم القوى السياسية لإجراء الانتخابات دون تكوين حكومة قومية ودون حل المشاكل العالقة .

    ويأتي ترشيح البشير في اعقاب محاولات لإصلاح علاقات النظام الخارجية وذلك بعد قيام البشير بالحج والمحاولات لرأب العلاقات مع السعودية ومن ثم اللقاء مع الرئيس المصري والذي كان لقاءا للهوان الوطني واستجابة للضغوط المصرية تجاه قضايا حلايب ومياه النيل وسد النهضة كذلك التنازل عن اخوتهم الايدلوجيين بالموافقة على التعاون ضد الاسلاميين في ليبيا ووقف دعم النظام للإخوان المسلمين المصريين . بينما اطلق رئيس النظام تصريحات عنترية ضد قوى المعارضة المسلحة منها والسياسية.

    إن المؤتمر الوطني الذي يدعو بكل وسائله الى الحوار الوطني و يبرمج له يدعو في نفس الوقت ومن طرف واحد الي الاِنتخابات و يحدد موعدها – ومعلوم بالضرورة اْن الانتخابات تجبّ الحوار – اٍذا ما سبقته -واْن الغرض من الحوار هو اْن يحل المشاكل التى بوجودها لا تكون الانتخابات ممكنة -.

    من هنا يبدو اْن ما يخطط له المؤتمر الوطني مختلف تماما عمّا يطرح من دعوة الى حوار و اِنتخابات و معارضة راشدة – لهذا أرى في ترشيح البشير ، واستمرار الحركة الاسلامية وومؤتمرها الوطني التنظيمات المهادنة لها (والتي تسير في ركابها) في ممارساتها وقراراتها الاحادية ، أرى فيه استمراراً لمحاولات بتر النسيج الاجتماعي وتقسيم المقسم من الارض وفئات المجتمع وهدما لمؤسسات الدولة المتهالكة من الاساس واستفزازا جارحا للشعب السوداني الذي يطلب التغيير بعد ربع قرن من الحكم الفاشل للمشير البشير.

    ومن هنا ، أدعو كل اللبراليين والديمقراطيين والشباب وقوى التغيير وكل السودانيين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم ، في الداخل والخارج ، وانطلاقا من مكان وزمان وجودهم ، إلى قيام حملة تعبئة وتنظيم واسعة لرفض البشير مرشحا للرئاسة وبناء جبهة سياسية عريضة لإسقاط البشير كرمز للنظام سواء بالعمل السياسي او الانتفاضة الانتخابية.

  • مرشح رئاسي موحد لهزيمة المؤتمر الوطني

    لماذا يجب على قوى المعارضة الديمقراطية خوض الانتخابات ؟

    نقلت الاخبار عن السيد ياسر عرمان تصريحات يبدو منها استعداده للمشاركة في الانتخابات القادمة ، حيث نقل عنه قوله (حذر عرمان المؤتمر الوطني من ان اى محاولة لإجهاض مجهودات الحوار الماثلة وفرض واقع عبر انتخابات صورية مزورة قائلا” اننا منذ الان سنعمل مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لتحويل معركة الانتخابات من بداية مراحلها الاولى في التسجيل حتى الاقتراع الى عمل جماهيرى واسع للانتفاضة السلمية التى تزيل النظام وتحقق طموحات شعبنا في السلام والطعام والمواطنه والديمقراطية” وأضاف ان شعبنا لن يستسلم لاستمرار حكم المؤتمر الوطني بعد 25 عاما من المعاناة واهاب عرمان بالجميع لاسيما منظمات الشباب والطلاب والنساء للاستعداد لهذه المعركة منذ وقت مبكر))

    أهمية التصريحات:

    هذه التصريحات جوهرية كونها تأتي من احد قادة الجبهة الثورية والمرشح السابق للحركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية عام 2010 ، قبل ان ينسحب منها في اللحظات الآخيرة. وهي تسجل تغييرا في الموقف السياسي، وخصوصا اذا قرأناها في اطار اعلان الجبهة الثورية عن وقف العدائيات من طرف واحد، واتفاقها مع الصادق المهدي على ان الواجب الاول هو انهاء الحرب، واذا ما ارتبطت بتصريحات عرمان التالية والتي يقرأ منها موافقته الضمنية على مبدأ الحوار كحل للأزمة السياسية ، حيث نجد في نفس الخبر ((من جهة اخرى اكد عرمان ان اعلان باريس حمل بشريات عديدة في مقدمتها الدفع بحوار وطني وعملية دستورية حقيقية توفر حلول للازمة ولاتعيد انتاجها ووقف الحرب كمدخل رئيسي يترافق مع اتاحة الحريات))
    هذه التصريحات على اهميتها كونها تشكل اول اشارة من طرف معسكر الجبهة الثورية وحلفائها للاستعداد لخوض معركة الانتخابات، تظل مبهمة وغامضة وغير واضحة وغير كافية ، كونها لم تقل انها ستخوض الانتخابات مباشرة ، وخصوصا اذا عرفنا ان ياسر عرمان هو من انسحب من قبل في ظل ظروف أكثر ملائمة، وان الجبهة الثورية وحليفها الجديد الصادق المهدي لا يزالون يرفضون وبشدة المشاركة في الانتخابات المقررة في ابريل 2015 – ويدعون لمقاطعتها وسط عضويتهم ومؤيديهم.

    الانتخابات الرديئة خير من الحرب الجيدة

    لقد كان رأينا دائما، كليبراليين سودانيين، ان الانتخابات الرديئة خير من الحرب الجيدة ، هذا ان كانت هناك حرب جيدة . ولقد شاركنا – رغم قلة الامكانيات ورغم عدم وجود تنظيم مسجل قانونيا لنا – في انتخابات العام 2010 بشكل رمزي ، حيث خاضتها رئيستنا آنذاك الاستاذة نور تاور في دائرة كادقلي ، وبعض من عضويتنا مثل الاستاذ مدثر خميس في دائرة المجلد الولائية ، كما كان لنا مرشحون ( في تحالف مع بعض القوى الديمقراطية كالوطني الاتحادي وحزب المؤتمر السوداني والتحالف الوطني السوداني الخ ) في دوائر المرأة والدوائر الحزبية في الخرطوم، وكذلك بعض المرشحين – كمستقلين- في دوائر اخرى من بينها عطبرة وغيرها، كما دعمنا عددا كبيرا من المرشحين الديمقراطيين والمستقلين والشباب في تلك الانتخابات.
    أيضا شاركنا في مارس من العام المنصرم في الانتخابات التكميلية في الخرطوم والقضارف ، حيث دعمنا الاستاذ محمد عبد الكريم في دائرة العيلفون كما دعمنا الاستاذ  تاج السر القاسم أحمد القرشي كوالي للقضارف ودعمنا مرشح مبادرة القضارف للخلاص الاستاذ عبد الله حامد في دائرة القلابات الشمالية ، للأسف انسحب الاستاذ  تاج السر القاسم في اللحظات الاخيرة . ولم يكن هؤلاء الاساتذة الاجلاء من عضويتنا ولكننا دعمناهم رغبة في تحريك الفعل الجماهيري واستجابة لنداء المجموعات الشبابية التي قدمتهم وقناعة منا ان صندوق الانتخابات يظل سلاحا اقوى من الرصاصة وأقل تكلفة منها.
    كانت تلك تجارب ايجابية رغم الانتهاكات والتجاوزات والتزوير الذي تم في تلك الانتخابات ورغم عدم تساوي الفرص واستخدام المؤتمر الوطني لكل موارد الدولة لصالحه، وتدخل اجهزة الأمن وخصوصا في الانتخابات التكميلية في العيلفون. وقد حققنا تواصلا مع الجماهير وتغير مزاجها ايجابيا خلال الانتخابات وما بعدها، الا ان العائق الاكبر كان هو مقاطعة الغالبية العظمى من القوى السياسية لتلك الانتخابات وبذلك ساهمت في احباطها كمعركة للديمقراطية وتوسيع الحريات وتغيير قوانين اللعبة ورصد وحصر ومحاصرة التجاوزات والانتهاكات والخج. ذلك انك لن تحصل على انتخابات نزيهة تماما دون خوضها؛ فالمعارك تكسب بعد خوضها؛ وليس هناك من سيعطي انتخابات نزيهة مية في المية دون صراع.

    على كل قوى المعارضة ان تخوض معركة الانتخابات

    لقد كتبت في فبراير المنصرم حول ضرورة خوض الليبراليين للانتخابات، واليوم أقول انه ليس فقط على الليبراليين بل على كل قوى المعارضة ان تخوض معركة الانتخابات ولا تقاطعها، وان يكون لها مرشح موحد واحد ضد مرشح المؤتمر الوطني، وان يكون لها مرشحون موحدون على كل مستويات الانتخابات. فإذا كانت المعارضة السودانية قد جربت الطريق المسلح وطريق الانتفاضة الشعبية ، وكلاهما له كلفة عالية ولم تكن فيه مشاركة جماهيرية كبيرة، فلماذا لا تجرب طريق الانتخابات و هو طريق شعبي وسلمي ، ويجد تفهم المجتمع الدولي وجزء من المجتمع السوداني؛ كطريق أفضل للتغيير؛ وقيل قديما ان الأرضة جربت الحجر؟
    يقول البعض ان الانتخابات في ظل هذا النظام تعطيه شرعية. وارد وأقول ان المؤتمر الوطني هو اصلا يحكمنا ولا تهمه الشرعية ؛ ومع ذلك يحاول الحصول عليها بالانتخابات . بينما يبدو – للعالم ولجزء من الرأي العام – أننا نخاف من الهزيمة او لا نؤمن بالديمقراطية؛ اذ يدعونا لسجال انتخابي ونرفضه. اكيد انه لا بد من وجود رقابة محلية واقليمية ودولية على الانتخابات، ولا بد من بسط الحريات وغل يد اجهزة الامن وجهاز الدولة عن التدخل فيها، ولا بد من اجازة قانون جديد لها بل ودستور جديد للبلاد، لكن تبقى هذه شروط ضرورية في ظل تثبيت قابلية خوض الانتخابات، بوصف انها الطريقة الافضل للوصول للحكم واقلها تكلفة اجتماعية، وكذلك بوصفها فرصة لفضح افلاس حزب المؤتمر الوطني جماهيريا وطرح البرنامج البديل على الجماهير، بدلا ان تتحول السياسة الى حرابة من جهة او مساومات من تحت الطاولة من الجهة الأخرى.

    تجديد الدعوة:

    الآن رغم ضيق الوقت وضعف الامكانيات وهزالة التحضير ، اجدد الدعوة لقوى المعارضة السودانية كلها لخوض معركة الانتخابات وبدء العمل في هذا الاتجاه وتوحيد مجهودها حول مرشح واحد للرئاسة في مواجهة مرشح حزب المؤتمر الوطني الذي أثبت فشله، وتوحيد مرشحيها في كل المستويات، وتحويل معركة الانتخابات الى معركة للديمقراطية والتغيير ، وتحويل مجرى الصراع الى المجال الجماهيري والشعبي.

    من ناحية أخرى أؤكد دعمنا – كليبراليين – لأي مرشح موحد تتفق عليه المعارضة مهما كان، واستعدادنا لخوض معركة انتخابات نزيهة لهزيمة المؤتمر الوطني، مع من يشاركنا الرأي والموقف والالتزام الديمقراطي السلمي. لأننا لا يمكن ان نهدر الفرص للمواجهة الانتخابية المرة تلو الأخرى ، ولا يمكن ان نترك قضايا الوطن تحددها البنادق أو المساومات والاتفاقات التي لا تدوم.

     

    عادل عبد العاطي
    قيادي بالحزب الديمقراطي الليبرالي – تحت التأسيس –
    نائب رئيس الشبكة الليبرالية الافريقية
    \