عشر مغالطات قاتلة للقحاطة والحربويات

يقوم موقف القحاطة والحربويات من دعاة “لا للحرب”، وهي دعوة حق اريد بها باطل، على سلسلة من المغالطات الجوهرية، التي جعلتهم في موقع الحياد الزائف والتواطؤ مع المليشيا. ادناه عشرة من هذه المغالطات:

1. التعامي عن مشروع المليشيا العنصري الفاشستي

أخطر ما ارتكبه القحاطة والحربويات هو تجاهل مشروع آل دقلو الواضح: إقامة دولة عنصرية أُسرية قائمة على التغيير الديمغرافي، الاستيطان، والإرهاب، بدعم خارجي معلن (الأمارات). لم نسمع من قادتهم ولا كوادرهم إشارة واحدة لهذا المشروع العنصري الفاشي، ولا عن الدعم الأماراتي له، لأنهم عندما يتغاضون عنه قصداً، يتحول صمتهم إلى تواطؤ.

2. تعريف مضلل للحرب

وصفوا الصراع بأنه “حرب عبثية بين طرفين يتقاتلان على السلطة”. هذا توصيف مغلوط يخفي حقيقة أنها حرب وجودية أشعلتها الميليشيا ضد الدولة والشعب السوداني، بهدف تهجير الشعب واذلاله وافقاره وأضعافه، وتقويض مؤسسات الدولة في السودان، وإحلال سلطة أسرية تأتمر للخارج مكانهما.

3. شعار زائف

رفعوا شعار “لا للحرب” ظاهريا ً في وجه الطرفين معاً وفي الحقيقة في وجه الشعب والجيش. تجاهلوا ان الجاني هو المليشيا والضحية هو الشعب السوداني. استكثروا حتى على المستنفرين حماية اهلهم ونفسهم؛،بينما كان المنطق والعدالة يفرضان أن يوجَّه هذا الشعار إلى المليشيا في المقام الاول . مساواة المهاجم بالمدافع هي مشاركة مباشرة في الجريمة.

4. شيطنة الجيش

تبنوا رواية الميليشيا عن “كيزانية الجيش” واتهامه بإشعال الحرب، معتمدين على حادثة المدينة الرياضية كذريعة. بينما الوقائع تشير بوضوح إلى أن الميليشيا هي من حركت أكثر من 70 ألف مقاتل وأدخلتهم الخرطوم، وحاصرت القواعد العسكرية، واقتحمت مطارات مروي والأبيض قبل بدء الحرب بأيام .

5. تجريم المؤسسة العسكرية

ألقوا باللوم على الجيش في نشوء الميليشيا، متجاهلين أن القرار كان سياسياً بالكامل وتتحمل مسؤوليته حكومة الإنقاذ والمؤتمر الوطني. فوق ذلك، أطلقوا حملة إعلامية منسقة لنزع شرعية الجيش وتحييد الدعم الشعبي له في لحظات كان الجيش بأمس الحاجة إلى التفاف الشعب حوله، وكان الشعب في أمس الحاجة لحماية الجيش له.

6. إعلان أديس المخزي

وقعوا اتفاقاً سياسياً مع الميليشيا بينما دماء الشهداء لم تجف بعد في الخرطوم ودارفور والجزيرة. زعموا ان الإعلان هو محاولة لإيقاف الحرب بينما فعلياً اعترفوا فيه للمرة الألف بالمليشيا كما أعترفوا فيه بما تسميه أداراتها المدنية وهي سلطات إحتلال. كان هذا الإعلان خيانة صريحة للشعب وهو يتعرض للقمع والقتل، وطعنة في ظهر المقاومين من عسكريين ومدنيين الذين كانوا يواجهون آلة القتل الجنجويدية.

7. الدعوة للتدخل الدولي

طالبت قحط/ تقدم على لسان الاهطل حمدوك بفرض حظر طيران على الجيش، وإقامة مناطق آمنة تحت ذريعة حماية المدنيين، بينما لم تطالب مرة بفك حصار الفاشر او بابنوسة او المجلد او الدلنج. هذه الدعوات للتدخل الدولي وحظر الطيران وحظر السلاح كانت ولا زالت تخفي في باطنها هدفاً واحدًا وحيداً: إنقاذ الميليشيا من الهزيمة، وفرض تسوية استسلامية على الجيش.

8. اتهامات باطلة

اتهموا الجيش بارتكاب انتهاكات ممنهجة، بالاغتصاب في أم درمان، وبالاستعانة بمرتزقة من “داعش” و”التيقراي” و”الأوكران” وبإستخدام الأسلحة الكيماوية الخ، في تماه تام مع دعاية المليشيا. كانت هذه دعايات كاذبة، هدفها المساواة بين الأضرار الجانبية لعمليات الجيش والانتهاكات الفردية لبعض أعضاءه، وبين الابادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم المنظمة التي ارتكبتها الميليشيا ضد المدنيين، والتي هي طبيعة ثابتة فيها.

9. تضخيم قوة الميليشيا

روجوا لفكرة أن الميليشيا قوة لا تُهزم، واعتبروا صمود الجيش ضعفاً وجبناً لأنه “تحصن بالثكنات” في بداية الحرب، بل دعوا الجيش لأن يستسلم كما اليابان، وكانوا يسخرون منه ويتحدونه أن يأتي لتحرير البيوت المحتلة ( التور حمد). تجاهلوا عمداً أن الجيش كان يمارس تكتيكاته كجيش نظامي، وقد أثبت لاحقاً قدرته على الصمود والتقدم في الميدان.

10. الزعم بأن لا حرب انتهت بهزيمة طرف

أطلقوا دعوى ساذجة مفادها أن “كل حرب تنتهي بالتفاوض لا بالهزيمة”. هذا تجاهل للحقائق التاريخية: فالحروب تنتهي إما بانتصار طرف على آخر أو بفرض تسوية من موقع القوة. حروب العالم القديم، الحروب العالمية الاولى والثانية، وحروب الاستقلال في إفريقيا وآسيا، كلها انتهت بهزيمة واضحة لطرف وانتصار لآخر . بهذا القول، يحاولون إقناع الشعب أن الاستسلام قدر محتوم، بينما الحقيقة أن هزيمة الميليشيا ممكنة وضرورية.

في المحصلة لم تكن مواقف القحاطة والحربويات منطلقة من حياد ودعوات للسلام كما يدّعون، بل كانت انحيازاً عملياً للمليشيا عبر هذه المغالطات العشر. لقد اختاروا العمالة والانحياز للاجنبي والمليشيا، التضليل والتخاذل، في لحظة كانت البلاد فيها تحتاج الى الموقف الوطني المبني على وضوح الرؤية وصلابة الموقف.

عادل عبد العاطي

29 سبتمبر 2025م

ملاحظة:

هذا المقال هو إعادة صياغة لأطروحات الرفيق سامي عابدين Sami Abdin نشرها في بوست خاص به.